إن الهجرة التي قام بها نبي الإسلام محمد بن عبد الله عليه السلام - حادث تاريخي، ليس له من صبغة الدين إلا أنه من أيام رسول الله.
غير أن أثرها في الإسلام عظيم
لما أراد المسلمون الأولون أن يؤرخوا لدينهم لم يجعلوا ذلك يوم ولادة الرسول، ولا يوم نبوته - بل يوم هجرته
وقد كان هذا هو رأي رجل الإسلام القوي عمر بن الخطاب - تذكرة للمسلمين بالاضطهاد الذي لاقاه رسولهم - وتنبيهاً إلى الثبات على المبدأ، وتنبيهاً لضرورة الجهاد في سبيل الدعوات
ذلك هو فضل يوم الهجرة: فضل تاريخي، فضل اجتماعي فضل للحياة الآملة المجاهدة. هذه الحياة التي لا تقيم للحق وزناً إلا بالجهاد في سبيله، والتي لا تعرف للحق وجوداً إلا إذا قام له صاحب
وصاحب حق الإسلام هو عظيم المجاهدين له عليه السلام، إذ لم يظهر حقه وقد كان خافياً إلا بعد أن جاهد له، وقد اعترف به الزمان وظل به معترفاً
ولكن كان إذا ونِي أنصار الحق عنه قليلاً وني الزمان عنه قبلهم، وإن شدُّوا له وتجمعوا عاد الزمان فأقامه لهم على هام الدول والأيام واضحاً ثابتاً
ذلك منطق الزمان. هو لا يعرف غير الغالب، والغالب أن يكون الغالبُ صاحبَ حق
ولكن الغالب كذلك ألا يكون الحق غالباً إلا بالقوة، فإن كانت غلبة الحق لا شك فيها، فإنه وهو غالب يكون كذلك هو القوي. . .
وقد يكون الباطل غالباً. ولكنه هو غالب، يكون كذلك هو القوي.
غير أن دولة الباطل ساعة، ودولة الحق إلى قيام الساعة
لذل لما كان كفار العرب، وهم مع باطلهم أظهر على الرسول وهو مع حقه، كانوا كذلك لأن القوة كانت لا تزال معهم؛ حتى إذا ثبت محمد بحقه في الميدان واستمر مجاهداً فاز