سنة الله - التحرر من التاريخ - الطفولة موضع أمل - عصر العمل - شرود النساك - عالم الأجسام - فلنعش هنا - معنى العبادة - الدين ابتهاج لا كآبة - دعوة الأغنياء للدين - الحياة لعب ولهو - جناية الدولة على حياة الروح
لا يزال أكثر الناس يجهل سنة الله واتجاه إرادته في الطبيعة على الرغم من كثرة عدد العلماء الطبيعيين، ولا يزال كثير من الأمم يأبى أن يبني الحياة الإنسانية الفردية والاجتماعية كما بنى الله الطبيعة بقوانين لا تخطئ ولا تستثنى ولا تهمل، مع أن الحل الوحيد الموفق السعيد لجميع المشكلات هو أن يبني الفرد حياته وتبني الجماعة حياتها كما بنى الله الحياة العامة على الحرص الدقيق واليقظة التامة والعلم الشامل والقوة القاهرة والتصميم النافذ والاستيعاب الكامل للجزيئات والتوزيع العادل للقوى والعناصر؛ فبرزت في هذا التناسق والانسجام والجمال
ومع هذا الجهل الفاضح من الناس (لسنة الله) نجدهم في غاية الجرأة إذ يقدمون على محاكمة الله بعقولهم الصغيرة المحدودة التي لم تعرفه بعد ولم تعرف اتجاه إرادته الظاهر في الطبيعة
إن الله احتجب عنا فلن ندركه بأبصارنا إذ لا قدرة ولا طاقة لنا على ذلك. ولكنه وضع أمامنا (خريطة) الكون مفصلة واضحة لنرى فيها تخطيطه وأسلوبه في إيجاد الحياة وتنظيمها والقيام عليها
وقد وضع الله في الإنسان قوة أشبه بمرآة تنطبع فيها جميع صور الطبيعة ونظمها وهي (العقل)، وكان من المحتم لو سارت التربية سيرها الطبيعي أن ينتقل سنة الله في الطبيعة إلى تلك القوة وينطبع فيها فتحفظه وتتنبه إليه دائماً وتسير بإرشاده في بناء الحياة الإنسانية. ولكن قوة (الاختيار) التي في الإنسان من جهة وحبه (لاختبار) كل أفق (واستطلاع) كل شئ في الحياة هما السبب في عدم تقيده بما يوحي إليه أسلوب الله، وفي خلقه لنفسه جواً صناعياً جعله يبتعد بالتدريج عن الطبيعة التي هي كتاب الله إليه وصورة