يعسر على الكاتب في النقد الأدبي ما يسهل على الكاتب المنشئ في كتم خليقته وستر سريرة نفسه، لأن النقد بيان وتفصيل ولئلا محيد للناقد عن التجرد الذاتي لينطلق حرا، يقول الحق وبصور الحقيقة.
الناقد المتجرد تمام واش، يشي بنفسه على نفسه، ويعترف بما في قرارتها من اسرار، وينشر ما تتطور عليه ضلوعه من سجايا وخلائق ومن كوامن دفينة أيضا لأن طبيعة التجرد توجب ذلك ولان التجرد والانطلاق صفتان بعيدتان كل البعد عن خلال المواربة والختل والمداورة والنفاق التي تعسر كل العسر على الكاتب في النقد الأدبي
قرأت ما كتب النقاد في كتابي (أنات غريب) وأصخت بسمعي إلى ما ساقه البعض إلى من لوم وتجريح من ناحية، وثناء وإطراء ومغالاة في التقدير من البعض الآخر من ناحية ثانية، فلم اقف طويلا عند واحد من أولئك المسرفين في اللوم أو الإطراء، ولكني اشعر ألان بما يدفعني إلى الوقوف طويلا - وجها لوجه - من صديقي الكريم الأستاذ صديق شيبوب، الكاتب الهادئ النفس، المنكر لذاته، القانع بالقليل القليل من الشهرة وذيوع الصيت، الدؤوب على المطالعة والدرس والتنقيب والتعقيب المثابر على نشر فصل في (الحياة الأدبية) مرة واحدة في كل أسبوع، في صحيفة يعبد أربابها المال، ويروجون للمضاربة في أسواق المال، وقد لا يقراها أديب واحد غير يوم الجمعة، لأنه ليس في الأدباء ممن اعرف غير يهودي واحد يضاربان ليكسبا المال في سهولة الكسول ومغامرة المقامر المضارب، في هذه الصحيفة المالية يختبئ صديق الكريم وراء حرفين متواضعين من حروف الهجاء (صاد شين) فبينا نراه في فصل من فصوله الأسبوعية يدرس كتابا في تاريخ قدماء المصرين أو الرومان واليونان، نجده في بوادي الجاهلية وصحاري الإسلام يقارن ويوازن وينسق ويعادل هؤلاء بأولئك. وبينا نسمعه يروى أسطورة أو خرافة نراه ينشر قصة تصويرية لواقعة حال أو بحثا تحليليا لأديب جرى عليه النسيان أو يلخص كتابا