للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[تعقيبات]

للأستاذ أنور المعداوي

فضيحة علمية لأستاذ جامعي:

أعتقد أن هذه الكلمة، تحت هذا العنوان، ستدفع فريقاً من القراء إلى أن يقول لي: ترفق. . ترفق بالدكتور عبد الرحمن بدوي لأنه (فيلسوف) مصر الأول، و (أستاذ) الفلسفة بجامعة إبرهيم، وصاحب الإنتاج الفكري - معذرة فلعل المقصود هو الإنتاج المطبعي - الذي يربى على الثلاثين كتاباً!

صيحة أتوقعها قبل أن أسمعها. . ولولا أنني أعرف الدكتور بدوي حق المعرفة، من خلال صحبته، ومن ثنايا كتبه، ومن حقيقة لقبه - أعني فيلسوف مصر الأول - لولا أنني أعرفه على ضوء هذا كله، لما تجاوزت الصيحة المنتظرة ومضيت في الطريق إلى نهايته!

لقد كان من المعقول أن أترفق بالدكتور بدوي لو أنه ترفق باللقب الخطير الذي أضفى عليه، وترفق بالأستاذية الجامعية التي هيئت له، وترفق بالقيم الفكرية التي احتمى بها أو احتمت به، وترفق بعقلي وعقلك وهو يريد أن يزاحم المنتجين في كل ميدان. . لو أنه ترفق بهذه الأمور جميعاً لرجعت إلى قلمي أسأله شيئاً من الرفق، أو شيئاً من الصفح، أو شيئاً من الأناة!

لقد حاول الأستاذ أن يكون فيلسوفاً بالقوة، وحاول أن يكون أديباً بالقوة، وحاول أن يكون قصاصاً بالقوة، وحاول أن يكون شاعراً بالقوة، وحاول أن يكون ناشر مخطوطات ومحقق نصوص بالقوة. وقد تفلح القوة في الشئون السياسية والدولية، ولكنها - وهذا ما أود أن يفهمه الدكتور بدوي - لا تفلح في الشئون الفكرية والفنية! صدقني أنني معجب به كل الإعجاب لأنه مؤمن بنفسه إلى أبعد حدود الإيمان، حتى ليكرهها على ما لا تحسن وما لا تطيق: يكرهها على فهم الفلسفة، ويكرهها على هضم الأدب، ويكرهها على نظم الشعر، ويكرهها على كتابة القصة، ويكرهها آخر الأمر على نشر المخطوطات وتحقيق النصوص. أرأيت إيماناً بالنفس يبلغ عند الموهوبين ما بلغه عند هذا المصري النابغ الموهوب؟ ألم أقل لك إنني معجب كل الإعجاب بهؤلاء المؤمنين بأنفسهم، حتى ولو أكرهوها إكراهاً على أن تطرق كل باب، وأرغموها إرغاماً على أن تخوض في كل فن،

<<  <  ج:
ص:  >  >>