للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أسامة بن منقذ وشعره]

للأستاذ أحمد أحمد بدوي

- ٣ -

لم يكن معروفاً من شعر أسامة سوى ما تفرق في كتبه الاعتبار والعصا، ولباب الآداب، وما تفرق في كتب مؤرخيه كخريدة القصر، والروضتين، في أحبار الدولتين، وتاريخ الإسلام للذهب، وجمهرة الإسلام، وشذرات الذهب، وجمهرة الإسلام، ذات النثر والنظام، ولكن أسامة كان له ديوان جمعه بنفسه، وعنى به من بعده ابنه مرهف، وكان صلاح الدين مشغوفاً به كما ذكرنا، وقد رآه ابن خلكان، وذكر أنه بأيدي الناس، وقد عثرت دار الكتب على نسخة خطية من هذا الديوان.

وقد رتب أسامة ديوانه على حسب الأغراض، فباب للغزل وآخر لشكوى الفراق، وغيرهما للوصف، إلى غير ذلك من أغراض الشعر الغنائي ولكن ديوانه قد خلا من الهجاء، ويظهر أنه قد أصر على ألا يكون في شعره هذا اللون برغم الدوافع التي كانت تسوقه إلى أن يهجو، حتى لقد قال:

ظلمت شعري، وليس الظلم من شيمي ... يطيعني حين أدعوه، وأعصيه

يهم أن يذكر القوم اللئام بما ... فيهم، فأزجره عنهم، وأثنيه

وليس من خلقي ثلب الغنى وإن ... جنى، ولا ذكر ذي نقص بما فيه

وفي ذلك مسحة من ترفع الأمارة، التي تحول بينه وبين النزول إلى مستوى التشاتم والمهاترة.

ولما اختار أسامة أن يرتب ديوانه على الأغراض، كان يجزئ القصيدة الواحدة، فيضع غزلها مثلاً في باب الغزل، ومديحها أو فخرها في باب المديح أو الفخر، وكان هو يشير إلى ذلك حين يعرض قصائده، ولهذا النظام فائدته في تتبع الدراسة الفنية لكل فن من فنون الشاعر على حدة، وإن كانت الحاجة تدعو، عند دراسة بناء القصيدة، إلى دراسة أجزائها كلها، لمعرفة الجو الذي توحي به، وإدراك مدى الصلة التي تربط بين عناصرها.

ويبدو لأول ما تقرأ أن أسامة لم يدون كل ما قاله من الشعر، لأنه لم يرض عن كل ما يصدر منه، فحذف منه ما لم يرقه، حيث يقول:

<<  <  ج:
ص:  >  >>