[ريحانتي الأولى أو الحرمان]
للأستاذ سيد قطب
ريحانتي الأولى وروْح شبابي ... أئذا دعوت سمعتُ رجع جواب
أنا في الجحيم هنا وأنتِ بجنة ... من روْح إعجاب وريْق شباب
أنا في الجحيم وأنت ناعمةُ المنى ... خضراءُ ذات تطلّع وطِلاب
أنا لا أريدك ها هنا في عالمي ... إني أعيذكِ من لظًى وعذاب
لكنها الذكرى تثور بخاطري ... مجنونةً حمقاء ذاتَ غِلاب
عيني رعتكِ وأنت نابتةٌ فلم ... تغفل ولم تفتر ولم تتألم
وتعهدتك يدي وأنت نحيلة ... وغذاكِ من نفسي الحنانُ ومن دمي
فنموتِ والآمالُ حولك تنتشي ... وتهم راقصةً وتهتف بالفم
حتى إذا أينعتِ وانطلق الشذى ... ألفيتُ نفسي في صميم جهنم
ملقًى هنالك لا أحس ولا أرى ... إلا الشواظَ وكلَّ داجٍ معتم
بيني وبينكِ شُقة لا تنتهي ... أبداً أُقارب حولها وأُباعد
هي شقة النفسِ الخرابِ، وإنها ... لمجاهل لم تُكتشف وفدافد
الشمس فيها لا تطلُّ وما بها ... إلا الرواكدُ والظلام البارد
أنا لستُ سالكَها وأنتِ حفيةٌ ... أن تجْنبيِ عنها ونجمك صاعد
فإِذا الذي بيني وبينك كلُّهُ ... ذكرى تطل برأسها وتعاود
وأراكِ من خلل الغيوم أسيفةً ... إذ تذكرين رعايتي وجهودي
وتريْن حاضرنا وغابرنا معاً ... وتراجعين مواثقي وعهودي
نفسي فداك فلا أراك شجية ... ترقي الغضونُ لوجهك المعبود
وقف عليك تطلعي وتلهفي ... وقف عليك قصائدي ونشيدي
لكن أعيذك خطرة في عالمي ... إني أعيذك وحشتي وركودي