هي كلمات رددت، فتطلعت إلى الحياة، وتطلبت غذاءها من تحقيق ما تدل عليه، فعللت ومنيت، وعاشت زمنا على التعلات والاماني، حتى أصابها الشحوب والهزال من طول الحرمان، وها هي ذي مشفية على الموت.
تلك هي كلمات (محاربة الأعداء الثلاثة، العدالة الاجتماعية، رفع مستوى المعيشة، إصلاح أداة الحكم، مشروعات السنوات الخمس) وأمثال هذه الكلمات التي توضع في البرامج فتكون لها حلية وزينة، ثم يفتر الحماس لها فتأخذ مكانها على (الرفوف).
وحياة هذه الكلمات بحياة مدلولاتها، فما مدى هذه الحياة عندنا؟ يجيب عن ذلك الأستاذ مريت غالي في مقال له بالأهرام عنوانه (الحساب الختامي لسنة ١٩٤٦ القومية) قال في مطلعه: (لو جرت العادة على إعداد تقرير سنوي عن شئون الأمة والوطن فكيف يكون التقرير عن سنة ١٩٤٦؟ أندون فيه نجاحا أحرزناه في نيل الأهداف القومية، أو علاجا قدمناه لمشكلة الموظفين والإدارة، أو معركة كسبناها ضد الأعداء الثلاثة التي تفتك بالشعب، أو مشروعا اقتصاديا أو إصلاحا اجتماعيا حققناه لرفع مستوى المعيشة؟ الواقع المؤلم أن التقرير لابد أن يكون خاليا من كل هذا).
ونحن جميعا نلمس مصداق هذا الكلام الصحيح، فالأعداد الثلاثة لا تزال قوية منيعة الجانب، الجهل لم ينل منه تجاذب الاختصاص وتبادل الموظفين بين الوزارات، والمرض لا تزال ترى فيضه على أبواب المستشفيات وأفنيتها صفوفا متدافعة، لا يرده جشع الممرض ولا جفاء الطبيب. . . والفقر ما فتئ يمد الجهل ويعين المرض، ومستوى المعيشة هو هو، والعدالة الاجتماعية أيضاً هي هي. . . وأداة الحكم ما تنفك في بطئها ووساطاتها وسائر فسادها، والسنوات الخمس لست أدري متى تبدأ. . . أمن وقت انتهاء الحرب؟ وهل بدئ في مشروعاتها؟ أم لا مبدأ لها ولا نهاية. . .؟
وقد ظلت تلك الكلمات تتراقص في أحلام الناس وتهدهد آمالهم، حتى كادت تسقط من فرط الإعياء. وليس من المستحسن أن تموت وفي مقدورنا إحياؤها، وفي إحيائها حياتنا التي ينتفي فيها السخط والانحراف، وتتم لنا فيها مقومات الأمة التي تدفع بها إلى أهدافها لا