في المؤلفات التاريخية والبلدانية نواح متعددة ما زال يعتورها شيء كثير من الغموض، يعود بعض أسبابه إلى تساهل أصحاب تلك المؤلفات في تدوين الأخبار تدويناً يفي بالمرام ويدفع الشك، كأن يورد المؤلف أخباراً أو أوصافاً دون أن يتقصاها، لاعتقاده أنها من الأمور المعروفة التي لا تحتاج إلى الشرح والتدليل
من ذلك ما صادفناه لدى بحثنا في نوع من الطواحين القديمة، التي كانت تسمى (العروب) وقد شاعت كثيراً في العراق والجزيرة وبعض ما يجاورهما من البلدان. وكان البدء في استعمالها يرجع إلى ما قبل العصور الإسلامية، ثم رافقت هذه العصور عدة مراحل حتى أدركت القرن السادس للهجرة، فقل عددها لتواتر النكبات عليها وخف استعمالها فلم يبق منها إلا آحاد مبعثرة في الفراتين وبعض ما يتشعب منهما.
وقد أمكننا حين تتبعنا المراجع العربية القديمة الوقوف على بعض ما يوضح شيئاً من أمرها.
العروب في معاجم اللغة
لم يدر بخلد أحد من أصحاب المعاجم القديمة خاصة تحقيق منشأ كلمة عروب، إنما كان اتفاقهم على تعريفها فقط
فقد جاء في (تاج العروس) أن (العربات: سفن كانت بدجلة، النهر المعروف، واحدتها عربة)
وما ورد في (لسان العرب لابن منظور) لا يتعدى ما ذكره التاج
وزاد صاحب القاموس عليهما في تعريفها بأنها: سفن (رواكد) كانت في دجلة
وقال في مادة عربة إنها:(النهر الشديد الجري) وقوله هذا يتفق وما ذكره من كان قبله أي صاحب الصحاح
هذا جل ما ورد في المعاجم القديمة بشأنها، وأما المعاجم الجديدة منها، فقد رأينا أن ما ذكره (محيط المحيط) و (البستان) و (أقرب الموارد)، لا يتعدى التعريف المذكور في المعاجم القديمة