وأحسن المعاجم الجديدة التي أعطت للكلمة ما تستحقه من العناية والدقة هو (المعجم المساعد)؛ فقد جاء بأنباء جلية من منشأ كلمة العروب؛ فهو يقول:(العربة: بمعنى الرحى، إرَمِية وتسمى (أسونا)؛ ومنها أخذها عوام الموصل فقالوا أسناية)
وقال في مكان آخر: الأسناية: بفتح الهمزة، وقد تكسر؛ هي بالصابئية (أسنايا)، وهي رحى الماء يحرك آلتها أجنحة، وكثيراً ما كانت تقام في جوار الفراتين أو ما يتشعب منهما، وهذه الكلمة من أصل عربي، من سنيت الدابة: استسقى عليها)
ومما قاله أيضاً: ويحتمل أن تكون (عربة) معربة من هي في الرومية
وما يحسن ذكره في هذا الموضوع ما قاله صاحب التاج:(الفيلخ كصيقل، وهي الرحى أو إحدى رحى الماء واليد السفلى منهما، ومنه قوله: ودرنا كما دارت على القطب فيلخ)
وقد جمعت عربة على عربات وعرب، وجمعت الأخيرة على عروب وزان قلوب، وهي جمع الجمع
العروب في كتب وصاف البلدان
قد يكون الرحالة بن حوقل هو الوحيد بين قدماء الكتبة الذين تكلفوا بتفصيل هذه الطواحين بقوله:(. . . وكان بالموصل في وسط دجلة مطاحن تعرف بالعروب، يقل نظيرها في كثير من الأرض، لأنها قائمة في وسط ماء شديد الجرية، موثقة بالسلاسل الحديد، في كل عربة منها أربعة أحجار، ويطحن كل حجرين في اليوم والليلة خمسين وقراً. وهذه العروب من الخشب والحديد، وربما دخل فيها شيء من الساج. وكانت بلد، المدينة التي عن سبعة فراسخ منها عروب كثيرة دارت أعمالاً وجهازاً إلى العراق فلم يبق منها شؤم ابن حمدان ولا من أهلها باقية)
ثم تطرق إلى الكلام عن العروب في غير مدينة الموصل، قال:(وبمدينة الحديثة منها عدد تعمل في وسط دجلة، وقد ملك بنو حمدان متاعها حسب ما ذكرته من حال الموصل وسائر ديار ربيعه، وارتفاعها نحو خمسين ألف دينار، وكان بالفرات الرقة (وقلعة جعبر) ما لا يداني هذه العروب ولا ككثرتها، وبمدينة تفليس في الكر منها شيء به تقوم أقوات أهل تفليس، وهي دونها في الفخم والعظم، وبتكريت وعكبرا والبردان منها شيء باق. ولم تبق بركة بني حمدان بالموصل إلا ستة أو سبعة منها (كذا. والصواب ست أو سبع)، وليس