بيرون وشلي هؤلاء الأقانيم الثلاثة أعظم شعراء الإنجليز وأشهرهم. عاشوا في القرن التاسع عشر الميلادي وامتازوا بشعرهم الوجداني وطريقتهم الخيالية الابتداعية، لم يتكلموا إلا عن مشاهدة وتصور واعتقاد، ولم يتقيدوا تقيد المدرسين بالصناعة اللفظية ولا بالحقائق العلمية
لقد خصت الآلهة الشعراء الثلاثة بأقل نصيب من العمر، فقد كان سن بيرون يوم ثكلته عرائس الشعر ستة وثلاثين عاماً فقط، وشلي ثلاثين، وكيتس ستة وعشرين؛ ولكنهم وإن لم ينسأ لهم في آجالهم استطاعوا أن يملأوا أرجاء هذا العمر بأوفر نصيب من الشعر القوي والاعتراف الشجي والنسيب الفتي، لقد هتكت عن أنظارهم مسدلات الحجب، فجرى عنهم غير ما في الكتب
اللورد بيرن
١٧٨٨ - ١٨٢٤
إذا كان رأي أدباء اليوم، أدباء القرن العشرين، في اللورد بيرون كرأي معاصريه فيه، وجب أن يعد هذا النبيل الجميل أنبغ شعراء الإنجليز من غير نزاع؛ لقد ظفر بشهرة لم يظفر بها أحد سواه، وعلى يديه انتظم الشعر الإنجليزي لأول مرة ساحة الشعر الأوربي
في عام ١٨٢٠ نظم لامرتين قصيدة غراء كلها إعجاب ببيرون؛ وكذلك تنبأ ماثيو أرنولد أن الأمة البريطانية يوم تحتفل في ختام عام ١٩٠٠ بذكرى شعرائها الأعلام، شعراء القرن التاسع عشر، سوف تضع اسم بيرون في طليعة عباقرة الشعر
لم يكن بيرون فناناً عظيماً ولا ثاقب النظر، ولم يجد فيه العالم إلا أنموذجاً في صناعة الشعر، ولكنه كان في ذاته صورة مغرية في الربع الأول من القرن التاسع عشر؛ اتحدت شخصيته بشعره لدرجة صعب معها التفريق بينها، وحتى قالوا: حياة بيرون هي أحسن شعر بيرون؛ وقد تحدر من عائلة توورث بين أفرادها على ما يظهر ضعف الأعصاب؛