للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سوانح طائفة!]

للأستاذ أحمد فتحي

قضيت بالشعر من دنياي أوطارى ... طوبَى لدنياي أو طوبى لأشعاري

هذا البيان، وعندي تبْر معْدِنه ... أدَّى إلى المجدِ معياراً، بمعيارِ

يا للرَّوائع، كم تجلو عوارِفُها ... ليلَ الحوادثِ عن صُبْح وأنوار

ودِدت أدرك من شعري وحكمته ... ما غابَ عن فِطنتي في غيب أستار

قَلّبْتُ فيه وجوهَ الرأي أجْمَعها ... وطالَ في البحثِ تَجوالي وتَسياري

ثم انثنَيت إلى نفسي أسائِلها ... هل يكسونَّ البيان الهيكل العاري

وما انتفاعُ أخي الأشعار عاليةً ... بصاغة الحمدِ، من حَشد وسُمَّار

وليس كالهاتِفِ المصغِي، وإن خَلقَتْ ... ديباجتاهُ، ولا كالكاتِبِ القاري!

ألست بالصائغ الشعر الذي هتفتْ ... به المواكبُ في ساحٍ ومِضمار

ماذا أفَدْت بأشعاري ورَوعتِها ... سوى عُلالةِ تخليدٍ لآثاري؟!

وما الخلود بميْسور لعارِيَة. . . ... غير الخسيسين من ترب وأحجار

ماذا أصابَ امرؤ القيسِ الذي عرفوا ... من عَبْقَرِيَّتِهِ مأثورَ أخبار؟!

غَنَّت بآياته الأجيال واسْتبقتْ ... تُزْجى له الحمدَ في مَوروث أسفار

ولاتَ حينَ ثناءٍ ليس يَسَمعُهُ ... إلا الذي صاغَهُ من جود مَكاّر!

فِيمَ الثناءُ على الموتَى، أتمْنحُهم ... دُرَّ المدائح، قنطاراً، بقنطار؟

وهل يَردُّ عليهمٍ طيب عيشِهمو ... طِيبُ الثناءِ، إذا وافَى بمقدار؟

يا ضيعةَ الشعر، إن لم تَمْتلئْ يَدُهُ ... بدرهمٍ، يكفُلُ الدنيا، ودينار

يا هاتِفَ الوحيِ أقْصِرْ زِدْتَنا شَجَناً ... وهْجِتَ بَرْحَ الجوَى، من بَرْح تَذْكار

ما حيلةُ الشعر في قوم إذا حشَدوا ... في أهلِهِ كلَّ طبَّال وزمَّار؟!

حِمَى البيانِ استباحوهُ، وكان له ... محض التجلة في قُدس وإكبار

قضُوا بذّلته في الأرض وانبعثوا ... يستأثرون بغاياتٍ وأوطار

إني لأبْصره هَيمان مَّطرَحاً. . ... يشكو الجنايةَ من إيذاءِ أغرار

مُرَوِّعاً تترامَى الكارثاتُ به. . ... وتَبْتَلِيهُ بزلزالٍ وإعصار!

<<  <  ج:
ص:  >  >>