حياة أسيوط - الدفع مقدماً. . . - بلادة أدبية! - المعارك القلمية في مصر - الطبيعة والناس
حياة أسيوط
كان من المنتظر أن يتأذى قوم من الكلمة التي كتبتها عن أسيوط، وفي دفع تلك الكلمة تلقيت خطابين كريمين، أحدهما من الأستاذ أحمد فتحي القاضي المحامي، والثانية من الآنسة (ليلى) فماذا أقول في مناقشة هذين الخطابين؟
أذكر أولاً أن لي غاية من التجني على أسيوط، فأنا أريد التنبيه إلى أن هذه المدينة لا تأخذ حظها من الاهتمام الواجب لمدينة في مثل مكانتها التاريخية. وأنا أريد أيضاً تأييد الرأي الذي يقول بإنشاء جامعة في أسيوط لتسترد المدينة حيويتها العلمية والأدبية. وهل ينكر أحد أن من واجب الكتاب الوطني أن يدعو قومه إلى المبادرة بتزويد الحواضر الكبيرة بأزواد العلوم والآداب والفنون؟
أن أكابر أسيوط يهجرونها طائعين، رغبة في الحياة القاهرية، حياة السيطرة على المجتمع السياسي، وأنا أحب أن تعيش العصبيات الإقليمية على نحو ما كانت عليه قبل سنتين، وأتمنى أن يرى الرجل في بلده من قوة الذاتية ما يغريه بالزهد في صوت القاهرة الصخاب
وتقول الآنسة (ليلى) إني لو درست حياة أسيوط بعناية لأدركت أنها أعظم من سنتريس. وأقول إن البلاد تحيا بحب أهليها، وأنا أحب بلدي بأكثر مما يحب الأسيوطيون بلدهم الجميل
حدثني أحد أساتذة الكلية الأمريكية بأسيوط قال: إن الكلية دعت معالي الأستاذ نجيب باشا الهلالي ليكون خطيب الحفلة الختامية في هذه السنة فتفضل بالقبول ثم اعتذر بعد ذلك
فقلت: الكلية لم تراع ظروف الخطيب، فإن الهلالي باشا نفسه حدثني أنه لم يزر أسيوط منذ عشر سنين، ومن المؤكد أن هذه المدة الطويلة مرت فيها مناسبات تفرض عليه زيارة وطنه الأول، مناسبات عائلية في الأفراح أو الأتراح، فكان يكتفي بالبرقيات في التهنئة أو العزاء، فمن العسير عليه أن يعود في مناسبة وقتية لإلقاء خطاب يستطيع إرساله بالبريد