للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مقدمة الأعاصير]

للشاعر القروي رشيد الخوري

تعليق

كانت نفسي تجمجم منذ شهرين بكلمة تريد أن تعلن بها إلى جمهور القارئين صدور هذا الديوان منذ دفع إلي لأكتب عن كلمة في (مجلة الشباب المسلمين) - وقد أهداه صاحبه إليها -، لان بمقدمتها آراء أدين بها، واحب أن يدين شعرائنا وكتابنا بين يدي زمانا هذا؛ ولكن التواني في آخراج الفكرة حين ولادتها وحرارتها، طالما جر إلى موتها ونسيانها وخمود دواعيها، وهذا ما حدث لي بشأن الكلام عن هذا الديوان.

بيد إن كلمة الأستاذ الكبير عبد الوهاب عزام، عن هذا الديوان في عدد مضى من الرسالة قد جددت في نفسي حرارة الأفكار التي في مقدمته، مما تقاضاني أن أسرع إلى الكتابة عنها.

ولئن كانت كلمة الدكتور عزام كافية في إعطاء القارئ صورة عن وطنية صاحب (الأعاصير) وعروبيته وتساميه. . الخ. فأني أرى جمهور قراء الرسالة بحاجة إلى أن يعلن إليهم عن الأفكار التي في مقدمته النثرية، فان فيها دعوات ثائرة، من العار ألا يتردد صداها في نوادي الأدب في الشرق العربي وسط عصر الجهاد والفداء والزلزلة! وليس من الإنصاف للذي هتف بها على بعد الدار ونأى الشقة، أن نمر بها كما نمر بأية فكرة أدبية، فأننا نعتد ذلك عقوقا لهذه النفس البرة التي لم تتطرف عينها خوالب الدنيا الجديدة ولم تشغلها عن النظرة الراثية الآسية للوطن الأول. . .

وعجيب أن يكون القلب الخافق بهذه الوجيعة، والبوق الهاتف بأصواتها التي سيسمعها القارئ خلال ما ننقله من السطور، نزيل ديار فاتنة بافانين حياتها وحريتها، مما يجر إلى نسيان الوطن الأول. بينما نجد الكثرة الراقدة بين فكي الحوادث وتحت مناسمها من أدبائنا الذين يأخذ أمتهم الضغط والاضطهاد مصبحة وبالليل، نجدهم كما يقول صاحب الأعاصير: (بين متهافت على وظيفة يخسر نفسه ليربحها. . وعابد بغيا يسفح شبابه على أقدامها. . و (علاك) أوزان تمر به القوافل الحياة قطارا تلو قطار، رازحة بعبر الدهر وعظات الأجيال، وهو واقف إزاءها وقفة الغر الأبله يتلهى بتشطير أو تخميس! أو يباري في وصف ساعة

<<  <  ج:
ص:  >  >>