تناولت (مشكلة القراءة) في عدد مضي من (الرسالة) فنظرت في أهم أسبابها، وهو طريقة التعليم عندنا وملابساته، من حيث المناهج المزدحمة والامتحانات التي تتجه إلى الذاكرة ولا تكاد تهتم بالإدراك، وإرهاق التلاميذ والمدرسين، فكل ذلك كما قلت (يبغض في الكتاب، إذ لا يكاد التلميذ ينتهي من (سخرة) الامتحان حتى يلقي بالكتب وهو يشعر بالسعادة لتخلصه منها، وبغضه للكتاب المدرسي بجره إلى بغض جنس الكتاب، فلا مكان إذن لحب القراءة من نفسه)
قلت ذاك، وقلت أيضاً (من أكبر الخطر أن المشكلة واقعة أيضاً بين المدرسين أنفسهم. . أولئك الذين يرجى منهم أن يبثوا حب القراءة والإطلاع في نفوس الطلاب، لأنهم أيضاً ضحية هذا النظام المدرسي. . . الخ) وحين قلت هذا وذاك لم تكن تغيب عني جهود الرجل العظيم طه حسين في وزارة المعارف التي يبذلها في تيسير التعليم وتعميمه وإنصاف المعلمين وبعث الطمأنينة في نفوسهم والحق أنني كلما تناولت مشكلة ثقافية لأكشف عن نواحي التقصير فيها يخالجني شعور الإشفاق على ذلك الرجل لما ينهض به من أعباء أثقلها الإهمال والتواني في الزمن الماضي، وأشعر في الوقت نفسه أن تلك المسائل الثقافية غير خافية عليه، ولعله يتحين لها الفرصة بعد الفراغ من إنصاف المظلومين وإتاحة فرص التعليم لجميع المواطنين. وقد لمحت بارقة من ذلك في خطبته التي تحدث بها إلى المعلمين في الحفلة التي كرمهم بها في الوزارة، إذ قال أنه يود أن يرى المعلم ينتفع بالعلم قبل الطلاب. ثم راعني هذا الغيث الذي انهمر في حديثه إلى مندوب الأهرام الأستاذ محمود العزب موسى الذي أثار كامن نفسه عندما سأله عما أعده من مشروعات للنهوض بالتعليم بعد الفراغ من التوسع في قبول التلاميذ والتوسعة على رجال التعليم. وقد كان الأستاذ العزب موفقا كل التوفيق في هذه الإثارة التي حدد نقطها، وكان منها (قصة الامتحانات ومستقبل الثقافة في البلاد).
لقد كان الحديث حديث أستاذنا وزميلنا الأديب الناقد الدكتور طه حسين بك. . إذ حمل على