ما تتبعه وزارة المعارف من سخافة في الامتحانات وما تجترحه بذلك من تبغيض المتعلمين وتنفيرهم من العلم والتعليم، قال، بعد أن بين ما يلاقيه من جهد في فحص المظالم ولقاء الآلاف من المظلومين وأصحاب الحاجات، وبعد أن ذكر ما أخذ فيه من تيسير المناهج لتكون أوفى إلى عقول التلاميذ وقلوبهم: وفكر في محنة الامتحان، فسترى أنها العلة التي لا يستقيم معها التعليم ولا بد من أن نصل إلى علاج مصر منها، فالتلاميذ يتعلمون ليمتحنوا آخر العام، والأساتذة يعلمون لينجح تلاميذهم في آخر العام، ويصبح الامتحان هو الغاية الأولى التي أنشئت المدارس والمعاهد من أجلها. . وما أعرف أن بلدا وصل من السخف إلى مثل ما وصلنا إليه في أمر الامتحانات. امتحانات النقل يشقى بها التلاميذ من أول يوم في العام الدراسي: أسرته تشعره دائما بأن عليه أن ينجح، وأساتذة يشعره دائما بأن عليه أن ينجح، فيشغله النجاح عن فقه ما يلقى إليه من الدرس، ويعنى بذاكرته، ويعطي عقله وقلبه إجازة أثناء العام الدراسي) وقال:(والامتحان العام نفسه نقدم عليه كأنما نقدم على عمل مقدس يجب أن نعدله عدته، في نفوسنا، وفي مظاهر حياتنا نفسها، ثم نعقده تعقيدا لا حد له) ثم رد على من يظنون أن تعقيد الامتحان هو الوسيلة الوحيدة لرفع مستوى التعليم بقوله: (فتعقيد الامتحان إن أدى إلى شيء فإنما يؤدي إلى تكوين المواطن الآلي الذي لا يفكر ولا يتعمق، وإنما يحفظ ما يلقى عليه، ثم يؤديه كما حفظه، ثم ينجح فيصبح مواطنا عقيما، أو يرسب فيصبح كلا على المدرسة، فإن اطرد رسوبه أصبح كلاً على الشعب. إن الذين يريدون أن يرفعوا مستوى التعليم حقا، يجب أن يحببوه إلى التلاميذ لا أن يبغضوه إليهم إن كنت تريد أن ترفع مستوى التعليم فاجعل أمور ميسرة، يقبل عليها التلاميذ عن حب لها ورغبة فيها، ويجدون الوحشة حين ينصرفون عنها في الإجازات. كل هذه أمور لا بد من التفكير فيها والفراغ لها، وقد فرغت لبعضها، وأرجو أن يتاح لي تحقيق ما أريد منها)
وهكذا نجد الرجل مشغولا بما كنا نمسك عن مواجهته به ومطالبته بتحقيقه، يثارا للاصطبار والانتظار، والواقع أن معاليه جند الجنود وحشد الحشود ووزع الأعطيات ونظم الأرزاق، ولكن بقي (التكتيك) بقي أن يوجه التعليم إلى غايته، بقى أن يوفق بين التعليم وبين الثقافة، وينهي الخصام الذي لا يزال قائما بينهما في عقول (المتعلمين) ولست أدري