كانت ماري تستطيع في يسر أن تسمع الحديث بين الشابين الجالسين على مقربة منها إلى منضدة في فندق بشارع (فليت ستريت) ولكنها لم تعر أحدهما التفاتاً خاصاً.
قال أكبرهما وهو أجملهما للآخر:(إذا كنت لم تذهب قبل الآن إلى اسكوتلاندا فاطلب إجازة واذهب إليها. وقد يشكو بعض المتقدمين في السن وضعاف الأبدان من شدة البرد فيها، ولكن هذا لا يمنع من وصف جوها بأنه جميل.
(وسأدلك على مكان بين الجبال ليس أطيب من هوائه ولا أروع من مناظره ولا أوفر من حاجياته مع يسر الثمن، ولا أجمع لأسباب الراحة والسرور، وقد طال تردادي عليه وآمل أن أذهب إليه أيضاً في الخريف).
ورأت ماري المستمع يشير بالموافقة ويقول:(لست أعرف هل أتمكن من الذهاب إليها أم لا، ولكني أريد أن أسألك عن بعض التفاصيل، وأنت تعرف أنني لا أحب النزول بالفنادق فهل من الممكن إقامة كوخ هناك خارج القرية؟).
فأجابه:(ذلك سهل. وسأدلك على نفس الكوخ الذي كنت أقيم به، وهو في جبهة برتشاير الغربية فاكتب إلى مسز (ماك بين) وقل لها إنك أخذت العنوان من جارفي بلير).
ولم يكن المستمع يعرف الجهة التي ذكرها جارفي بلير. ولكن ماري عرفتها وكتبت على ظهر مجلة كانت معها ذلك العنوان. ولم يخطر ببالها أنها أخطأت في ذلك لأنها كانت تريد الاصطياف أيضاً، وكانت اسكوتلاندا حلماً من أروع أحلامها ولكنها لم تكن تعرف أحداً هناك، وليس أجدر بإرشادها إليها من هذا الرجل الأسود الشعر والعينين الذي كانت تراه كل يوم على هذه المنضدة بالفندق وإن كانت إلى اليوم لم تبادله كلمة واحدة. . على أنهما كانا يتبادلان النظرات في كثير من الأحيان.
وفي تلك اللحظة كتبت ماري خطاباً رقيقاً إلى مسز (ماك بين) قالت فيه إنها سمعت اسمها وعنوانها مصادفة، وأنها ترجو أن تسمح لها بالإقامة في الكوخ مدة أسبوعين وتسألها عن شروطها في مقابل ذلك.