للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[إلى الفيلسوف الشاعر نيتشه]

بقلم محمد فهمي

نظمت على أثر قراءة ديوانه (هكذا قال زرادشت) الذي

تترجمه (الرسالة)

أَذبْتَ قلبك أَشعاراً تردِّدُها ... أَوْدَعْتها لَذعَ ما في القلب من نارِ

في كل بيتٍ لسانُ النار مندلعٌ ... في كل بيت تَبدّي شبه إِعصارِ

وأُيُّ قلب تراك اليوم ساكبه ... وأَيُّ فكر تراءى لي بأسرار

أَلا هو القلب دفاقاً ومنطوياً ... على البُطولة في سيّالها الجاري

أَلا هو الفكر في أَجوازه لُمَعٌ ... من الخلود كضوء الفرقد الساري

تُلقى القذيفة من شعرِ مؤججةً ... نحو القلوب فتغدو كالّلظى الواري

وتبعث البأس فيها جِدّ محتدمٍ ... وتوقُظ العزم في إِقدام جَبّار

وتحطِمُ القيد إذ حلقاتُه نسجت ... من الخرافة في تأثيرها الزَّاري

وتُطلق الروح كالطير الذي فُتحت ... له السجون وأَقفاصٌ لأُسَّار

يمضي يُحلِّق نشواناً ومنطلقاً ... ويهتك الحُجب من غيب وأستار

حتى يشارف سر الكون مجتليا ... غايَ الحياةٍ لإنسان به سار!

فما الحياة أراها اليوم أُلْهيةً ... لفتنةٍ النفس في كشف وإضمار

وما الخلود أراه طيف أُمِنَيةٍ ... تساور الفكر في حلٍّ وتسيار

ولا الوجود هباء ليس يَعْدِله ... في كفّة الزُّهد حتى عُشر مِعشار!

بل الحياة كفاحٌ لا قرار له ... وليس يلحاه إلا كلُّ خوَّار

بل الوجود هو الفردوس تحجبه ... عنا سخائف أوهامٍ وأوطار

وما الخلود سوى قُصوى بُلَهْنِيةٍ ... لكامل الخلق فوق الأرض قرَّار

أنت الذي جعل الآمال دانيةً ... وأَنْزَلَ الخُلد في الأخرى لذي الدار

وَحْيٌ من الفكر يهدي شهد حكمته ... في كأس سِفرٍ تَجلّى فوق أسفار. . .

(المنصورة)

<<  <  ج:
ص:  >  >>