الحصري المجهول: هناك بن طيات القرون الغابرة، ثبت ضخم حافل بكثير من نوابغ الأدباء، وعباقرة الشعراء ذوي الجد العاثر والطالع النكد، الذين جار عليهم الزمان فطوى ذكرهم وطمر تراثهم. ولو عنى الناس بأمر هؤلاء المحدودين، وبعثوهم من مراقدهم ونشروا آثارهم، لكان للأدب من ذلِك ثروة طائلة
من هؤلاء الشعراء المجهولين أبو الحسن علي بن عبد الغني الفهري الحصري القيرواني الضرير، صاحب كتاب (اقتراح القريح واجتراح الجريح). والحُصْري - بضم الحاء وإسكان الصاد - نسبة إلى عمل الحصر أو بيعها
ويشترك مع أبي الحسن هذا في لقبه شاعر معاصر آخر، كانت بينه وبينه وشيجة نسب، أعنى به أبن خالته الأستاذ (إبراهيم الحصري) صاحب كتاب (زهر الآداب) المتوفى سنة ٤٥٣ من الهجرة (١٦٠١م)
وقد اشتبه أمرهما على كثير من الناس فحسبوا ذاك هذا، ونسبوا آثار هذا لذاك! وأرخوا لأحدهما بتأريخ الآخر، ولكن الأمر لم ينته على الراسخين في العلم، فوضعوا الحق في نصابه
أكتنف الغموض حياة أبي الحسن الحصري من كل ناحية، فلسنا نعرف نشأته ولا ثقافته، وليس فيما بين أيدينا من المصادر ترجمة دقيقة شاملة نعتمد عليها في تأريخنا له، وكل ما وجدناه نتف متشابهة، وشذرات مقتضبة، لا تجدي نفعاً؛ وقد أحببت أن أنقلها للقراء علها تلقي شيئاً - ولو ضئيلاً - من الضياء على حياة ذلك الشاعر العبقري، وترسم صورة - ولو شاحبة - لذلك الأديب المجهول