للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[العلم يبحث عن الله]

ترجمنا هذا المقال لكاتبإنكليزي بالعنوان المتقدم، وعنينا كل عناية بالمحافظة على معانيه وبإفراغها في قالب عربي أقرب ما يستطاع من القوالب الأصلية، ولزمنا هذه القوالب أحياناً إذ لم نجدها مختلفة عن العربية، لأننا كثيراً ما نرى الترجمة تخالف الأصل في المعاني وفي الألفاظ. وليس لذلك من سبب سوى مبالغة المترجم في تقريبها من العربية فتكون النتيجة شرودها عنهما جميعاً

جلست ذات ليلة شديدة البرد بجانب الأب رولند العالم اليسوعي عند قاعدة التلسكوب الكبير في مرصد ستونيهرست في آكام لنكشير.

ولم يكن هناك نور سوى وهج سيجارتينا وبعض النجوم المتلألئة التي كنا نرعاها من الشق المعقوف في قبة المرصد.

ولم يسمع حس سوى دوي الجهاز المعد لإدارة التلسكوب وجعل حركته مطابقة لدوران الأرض.

وكنت قد رأيت جبال القمر ومجموعة الكواكب الذرية المعروفة باسم الثريا. فجعلت الآن أمتع بصري بذلك السدام الغريب في برج الجوزاء، وأنا بين عاملين من الخوف والدهش مما لا تجلبه المناظر الأرضية.

فالتفت إلى صاحبي وقلت: (تعلم عن هذا الفلك المدار ما لا يعلم معظم الناس، لأنك قضيت ردحاً من عمرك في رصد النجوم فأصبحت لذلك أكثر إدراكاً منهم لصغر شأن الإنسان بالنسبة إلى سائر الكون. فان الأرض ليست سوى ذرة من الغبار وهي عائمة في الفضاء الخصم غير المحدود، والنوع الإنساني كله صغير القدر بالنسبة إلى قدر الأرض. فلست أفهم كيف تؤمن أنت من بين سائر الناس بالله واهتمامه بأناس مثلنا).

ولما فرغت من سؤالي هذا بقي القسيس العالم صامتاً هنيهة ثم قال:

(أفهم حقارة شأن الأرض لا حقارة النوع الإنساني ولا حقارة أرواح الناس).

فلم أحِرْ جواباًحينئذ، ولاجواب عندي الآن، لأني أدرك اكثر مما أدركت قبلاً أنه إذا كان العالم متديناً كان احسن ديناً لأنه عالم. وهو يرى حيثما كان أن البرهان يدعم إيمانه لا لأنه يحتاج إلى البرهان، ولكنه يسرّ إذ يجده هناك

طالعت منذ عهد قريب كتاباً اسمه (القصد الأعظم) وفيه فصول كتب كلا منها عالم

<<  <  ج:
ص:  >  >>