معروف، أبان في الفصل هذا كتبه إن يد الله وعقل الله وراء كل نظام ورقي في الطبيعة. وقد جاء في مقدمته (إن غرض الكتاب أن يبين أن العلم ليس بهادم للدين ولا بحال محله، بل انه يكشف له الحجاب عن عالم للغيب أوسع من عالم الشهادة هذا واجل شأناً فيضع بذلك أساساً اثبت للإيمان)
إن الكون بالرغم من عظم اتساعه وتعقد تركيبه وتعدد محتوياته إلى ما لا حد له هو جسم كلي عضوي متسق التركيب، ومصنوع من عناصر واحدة جوهرية، وخاضع لنواميس واحدة.
ومن أدلة النظام والعقل في الكون إن عقل الإنسان استطاع أن يستخرج هذه القواعد العظيمة العامة ويتوسل بها إلى بلوغ قوة الأنباء بالمستقبل. فهذا الكون كون مصحوب بالفكر واكثر من الفكر - كون يمثل روح واجب الوجود وغير محدود.
كتب البروفسور كروذر من جامعة رد نج فصلاً عن الإشعاع فعرفه بأنه (المادة الأساسية التي صنع الكون منها) فالنور والحرارة وأمواج اللاسلكية وأشعة اكس - هذه كلها صور للإشعاع واقعة تحت حسنا. والمادة نفسها مصنوعة من إشعاع مقيد بقيود كهربائية. قال:
(في زمان بعيد جداً اهتز ذلك الخلاء الفارغ فظهر فيه البروتون والإلكترون فتكون من بعضها تلك النظم الثابتة المعروفة باسم الجواهر الفردة التي صنعت المادة منها. وانحل البعض الآخر على مر الزمان إلى إشعاع صرف. وقد قطع العلم منذ ابتدائه أجوازاً كثيرة وكشف بقاعاً كثيرة كانت مجهولة، ودار دورته حتى جابه العلم الحديث سر عمل الخلق فلا يجد لوصفه كلاماً اكثر مطابقة له من قول الشاعر العبري (وقال الله ليكن نور فكان نور)(يريد بالشاعر العبري موسى الكليم)
وخذ البروتوبلازم - أي المادة التي تكونت الحياة منها. فقد عرف تركيبها الكيميائي، ولكننا لم نستطع تركيب الحياة: فالأميبا أدنى أنواع الحيوان وابسطها تركيباً مؤلفة من بروتوبلازم صرف، وهي قطرة صغيرة من المادة الجلاتينية تعيش في الماء. وقد حاول كثيرون أن يصنعوا الأميبا من المواد الكيمائية التي يتألف البروتوبلازم منها فعجزوا عن ذلك. فالمواد مضبوطة والنسبة بينها صحيحة والأحوال المحيطة بها ملائمة تمام الملاءمة، ولكن الشرارة الحيوية لاوجود لها، إذ الله وحده هو الذي يصنع الحياة.