في مساء الخميس الماضي أقامت لجنة التأليف والترجمة والنشر في دارها مأدبة عشاء شرقية فخمة احتفالاً بمرور عشرين عاماً على إنشائها دعت إليها أعضاءها وأصدقاءها وصفوة من وجوه الأمة ورجال الصحافة، فتوافوا إليها في الساعة الثامنة، ثم تحلقوا حول الموائد الكريمة الشهية يتجاذبون ذكريات المودة ويتساقطون أعذب الأحاديث، ويتمتعون بشعور الرضا عن اطراد النجاح لهذا العمل النافع المخلص. فلما فرغوا من الطعام وقف صديقنا الأستاذ أحمد أمين رئيس اللجنة، فألقى كلمة قيمة شكر فيها الحاضرين وألم بتاريخ اللجنة وأطوارها إلمامه وافية واضحة سننشرها في العدد القادم، ثم عاد القوم إلى السمر بعد أن وقفوا على سر هذا المجهود الموفق، وأدركوا أن بقاءه ونماءه إنما يرجعان إلى تجانس الميول فيه، وإخلاص النية له، ونبالة القصد منه، وقوة الإيمان به. وكانت فرقة هاوية من أعضاء نادي الموسيقى تفصل بين الأحاديث الحين بعد الحين بألحانها الساحرة، فأضافت إلى جلال العلم، وجمال الأخوة، بهجة الفن ونشوة الطرب؛ ثم انقضى السمر بانقضاء الهزيع الأول من الليل، وانصرف القوم مبتهجين بجمال الحفلة، مغتبطين بنجاح اللجنة، مثنين على جهود الأعضاء.
أزمة المسرح
يجوز المسرح اليوم أزمة حقيقية، وينظر المتشائمون إلى مستقبله في كثير من الجزع. وقد عقد أخيراً في رومه مؤتمر دولي برعاية الأكاديمية الإيطالية لينظر في شؤون المسرح والدولة، وشهده جمع كبير من أقطاب الكتاب المسرحين في مختلف البلدان. وخطب السنيور لويجي بيراند للو المندوب الإيطالي، فنوه بأهمية المسرح في تنظيم الحياة الاجتماعية، وقال بأنه الأعراب الأسمى للفن، وإنه يستطيع وحده أن يثبت الظواهر الخالدة لعصر من العصور. وتحدث الكاتب المسرحي الأشهر موريس ميترلنك عن أزمة المسرح فأنكر خطورتها، وقال بأن المسرح يشبه طفلاً مريضاً منذ مولده، وقد لا يصل إلى اكتمال صحته قبل مرور ألفي عام، أي بعد أن يكون قد استنفد كل أمراضه، وكل آلام نموه. وإذن فأن الحمى التي يجتازها المسرح اليوم ليست إلا مظهراً من مظاهر هذا التطور الطويل