الشعراء الثلاثة الذين سنتكلم عنهم اليوم هم - دون شك - من شعراء الطليعة والصف الأول في جامعة أدباء العروبة، وهم الجوهر والنواة فيها، كانوا معها أول ما نشأت، واستمروا على عهدهم لها إلى يومنا هذا يصدحون في كل مهرجان، ويتبارون في كل ميدان. . .
هؤلاء هم الأساتذة: أحمد عبد المجيد الغزالي، والعوضي الوكيل، وطاهر محمد أبو فاشا.
وثلاثتهم نشأوا نشأة واحدة، ونهلوا وعلوا من معين واحد وتفيئوا ظل دوحة واحدة، فكان الصراع بينهم دائماً وكانت المنافسة بينهم أبداً.
والناظر المتأمل فيهم، الفاحص عن طبيعة قلب كل منهم وحركات نفسه وصور وجدانه يجد بينهم - إلى ذلك - اختلافاً كبيراً.
فأولهم (الأستاذ أحمد عبد المجيد الغزالي) شاعر نشهد بأنه شاعر مجيد فيه طلاوة ولعبارته إشراق. والخصلة التي تبدو فيه واضحة وضوحاً قوياً حتى تكاد تلازمه في كل ما يكتب هي أنه لا ينسى نفسه أبداً! لا تنسيه إياها المناسبة أيا كانت، ولا ينسيه إياها مقتضى الحال كيفما كان، فهو يفتأ يتحدث عنها ويتكلم فيها حتى تحسبه يوشك أن يقول للناس: هأنذا. . .
وليس مما يؤخذ على الشاعر أن يصور للناس نفسه، وأن يطلع الناس على عواطفه إذا كان يصور نفسه مندمجة في الشيء الذي يتناوله بالكلام، ويطلع الناس على عواطفه متأثرة بالموضوع الذي يتحدث عنه فيكون بين نفسه وبين موضوع الحديث كمال الاتصال إن جاز أن نستعمل هذا التعبير هنا!
أما أن يترك الشاعر الموضوع الأصلي إلى الحديث عن نفسه وعن عاطفته في أمر لا علاقة للموضوع بهما فذلك ما نأخذه على الشاعر.
والأستاذ يقف في مهرجان الفيوم فلا يتحدث عنها بشيء ولا يسوق من تاريخها الحافل أو ماضيها المجيد شيئاً، إنما يقف فيسرد على الناس قصة غرامه الشخصي في غزل يخاطب فيه حبيبة بعينها اعتقادي أنها المقصودة بكل ما قال، ويترك الناس حيارى لا يدرون ما