للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أما لهذا الليل من آخر؟]

للأستاذ محمد أحمد الغمراوي

إن المسلمين اليوم في ليل أليل لم يبق بأيديهم من مجد آبائهم إلا الذكرى، ولا يكاد يبقى في قلوبهم من عزة دينهم إلا القليل. لكن العجيب أن هذا القليل كلما بدأ ينمو ويشتد كما تنمو الحبة في الأرض الطيبة إذا أصابها غيث، نجم للدين من بين من أنعم الله عليهم من أهله بنعمة البيان من يصرف بيانه في ما من شانه أن يعوق ذلك النمو. وليس يهم أكان ذلك عن قصد أم عن غير قصد فإن النتيجة للمسلمين واحدة في الحالتين

ومن أقرب الأمثلة لهذا وأغربها الكلمة التي أرسلها على الناس للكاتب المعروف الأستاذ توفيق الحكيم من برجه العاجي في رسالة هذا الأسبوع. فقد كتب يعجب مما سماه قيام القيامة في الجامعة (ضد كتابين قيمين) لاشتمالهما على طعن في الإسلام، ويزعم أن هذا الذي سماه فزعاً من كل كلمة تمس الإسلام أكبر مسبة لهذا الدين العريق العميق، لأنه يوهم إنه دين ضعيف يخشى عليه من طعن الطاعنين مع أنه دين متين ثبت على الأحداث فلا خطر عليه من كتاب يؤلف أو عبارة تقال طعناً فيه. ثم يمضي فيعرب عن دهشته أن يكون مظهر هذا الفزع في الجامعة التي فيها شباب (انغرست في قلبه العقيدة الحارة فلا خوف الآن عليه من مناقشة المسائل العقلية في جو الحرية) ويختم بقوله إن صحة العقيدة كصحة الجسم لا بد لها من الهواء الطلق لتكتسب المناعة، ولا خير لها في أن تحاط ببيت من زجاج

هذا ما قاله الأستاذ توفيق الحكيم كأحسن ما نستطيع أن ننصفه به في التلخيص

انه أولاً يكتب من غير أن يعرف فيما يبدو حقيقة المسألة التي يكتب فيها. لأن المسألة قي أحد شقيها على الأقل ليس فيها شيء يتعلق بمناقشة المسائل العقلية في جو الحرية، لأن أحد الكتابين المشكو منهما على الأقل ليس بكتاب مسائل عقلية تدرس وتناقش في جو من الحرية أو من غير الحرية ولكنه قصة كبعض قصصه هو ورد فيها ذلك الطعن الممجوج على لسان بعض أشخاصها.

فليت شعري كيف فات الأستاذ توفيق الحكيم معرفة ذلك حين كتب عن (مناقشة المسائل العقلية في جو الحرية؟) أم كيف، وقد عرفه، فأنه أن ينصف الطلبة حين شكوا من ذلك

<<  <  ج:
ص:  >  >>