وفرق بين حيوان في سلامة الحيوانية، وحيوان يضاف إليه مسخ الإنسانية، ولا يظفر من الحيوانية بالصحة واستقامة الفطرة
فرق بين رقص شتراوس ورقصنا، بل فرق بين رقص الجازبند ورقصنا، لأن رقص شتراوس معنى إنساني، ورقص الجازبند فطرة حيوانية، ورقص الأغاني المبتذلة عندنا قد خلا من أجمل ما في الإنسان، واجمل ما في الحيوان، وجمع المسخ والتشويه في هذا وذاك
لم يكن شأننا كذلك في الزمن القديم، لأننا نرى على المعابد الفرعونية صور الراقصات والراقصين، ونرى في الريف المصري مثالاً متخلفاً من رقص الرجال والنساء، فلا نجد في هذه المناظر المرسومة أو المشهودة خلاعة ولا شهوة ممسوخة، بل نجد فيها جميعاً ما أسلفناه من غلبة المعاني وانقياد الأجساد، أو نجد فيها صحة الفطرة واستقامة البنية الحيوانية. ولا ندري متى نعود إلى ما كنا عليه، أو متى ندين بدين الفن الجميل في تغليب النظام على الفوضى، والفكرة على المادة، والمعاني الإنسانية على الدوافع الجثمانية. ولكننا ندري أننا عجزنا زمنا طويلاً عن إخضاع أجسادنا لأفكارنا أيام كنا بأجسادنا وأفكارنا خاضعين لغيرنا. . . فقد حان إذن موعد الخلاص من قيودنا، ولن تزال فينا بقية من قيود الأسر والاستعباد، ما بقيت الفنون عندنا فنون أجساد أو فنون استسلام وانقياد.