للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

الجاو، الورق النقدي سنة ٦٩٣

قال ابن الفوطي في كتابه (الحوادث الجامعة):

(في سنة (٦٩٣) وضع صدر الدين صاحب ديوان الممالك بتبريز (الجاو) وهو كاغد عليه تمغة السلطان عوض السكة على الدنانير والدراهم. وأمر الناس أن يتعاملوا به. وكان من عشرة دنانير إلى دون ذلك حتى ينتهي إلى درهم ونصف وربع. فتعامل به أهل تبريز اضطراراً لا اختياراً بالقسر والقهر، فاضطربت أحوالهم اضطراباً أضر بهم وبغيرهم حتى تعذرت الأقوات وسائر الأشياء، وانقطعت المواد من كل نوع، فكان الرجل يضع الدرهم في يده تحت (الجاو) ويعطي الخباز والقصاب وغيرهما ويأخذ حاجته خوفاً من أعوان السلطان. ثم حمل منه عدة أحمال إلى بغداد صحبة الأمير (لكزي بن أرغون آقا) فلما بلغ ذلك أهلها استعدوا بالأقوات وغيرها حيث عرفوا ما جرى في تبريز. فلما أنهي ذلك إلى السلطان (كيخاو) أمر بإبطاله، فأبطل قبل وصول كيخاو إلى بغداد، وكفى الله العالم شره)

فالناس - إذن - في القديم والحديث لا تمشي عندهم في شأن السكة شيطنة دهاةٍ شياطين ولا حيل حكومات وسلاطين. فهم لا يعرفون إلا هذا الأصفر، الأحمر الوازن

أكرمْ به أصفر، راقت صفرتهْ!

وحُببت إلى الأنام غرته!

كأنما من القلوب نقرته!

وهم لا يؤمنون إلا إذا رأوه جهرة، أو استيقنت أنفسهم أيما استيقان بأنه يسبح لله في الحزائن من بنات الفولاذ في معقل قويّ منيع كالذي شاده العلامة الأستاذ (محمد طلعت حرب باشا)

من همة المحكوم وهو مكبّل ... بالقيد لا من همة الحكام

الله سخر للكنانة خازناً ... أخذ الأمان لها من الأعوام

وأن ليست تلك (الورقة) ذات الخطوط والسمة إلا آية، علامة لكبيرٍ، لإمامٍ لم يغب، لا، ولم يجهل مكانه. . .

(ن)

<<  <  ج:
ص:  >  >>