[٢ - أصحاب المعالي]
(إن الله يحب معالي الأمور، ويكره سفسافها)
(حديث شريف)
للأستاذ محمد محمود زيتون
والسموأل يباعد ويقارب بين الطرفين البعيدين في هذه الصورة الشعرية إذ يقول:
لنا جبل يحتله من نجيره ... منيع يرد الطرف وهو كليل
رسا أصله تحت الثرى وسما به ... إلى النجم فرع لا ينال طويل
هو الأبلق الفرد الذي شاع ذكره ... يعز على من رامه ويطول
علونا إلى خير الظهور وحطنا ... لوقت إلى خير البطون نزول
ولم يكن أمام الحارث بن حلزة ما يعوق رقيه وانتماءه إلى ذروة الشرف، يقول:
فبقينا على الشناءة تنمينا ... حصون وعزة قعساء
ويقول عنترة العبسي وقد جمع بين الحركة إلى أعلى وخوض الحروب ونيل الرتب:
ولى بيت علا ذلك الثريا ... تخر لعظم هيبته البيوت
وخضت بمهجتي بحر المنايا ... ونار الحرب تتقد اتقادا
لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب ... ولا ينال العلا من طبعه الغضب
وهو الذي لم يقعد بسواد وجهه عن النهوض والجهاد. وفي ذلك يقول:
وأختر لنفسك منزلاً تعلو به ... أو مت كريماً تحت ظل القسطل
إن كنت في عدد العبيد، فهمتي ... فوق الثريا والسماك الأعزل
وبذابلي ومهندي نلت العلا ... لا بالقرابة والعديد الأجزل
لا تسقني ماء الحياة بذلة ... بل فاسقني بالعز كأس الحنظل
ماء الحياة بذلة كجهنم ... وجهنم بالعز أطيب منزل
تلك هي مؤهلات المجد التي ابتدعها عنترة، وحرص على إبرازها، فكان له مكانه الممتاز بين أصحاب المعالي، وحسبه شرفاً أن له - وهو العبد الأسود - همة عالية نالها بالقوة لا بالانتساب إلى سادة العرب محتداً وعديداً، وأحق معادن الرجولة بالإشادة هذا المعدن