[رسالة الشعر]
غناء
(مهداة إلى الشاعر الكبير عزيز أباظة باشا)
للآنسة هجران شوقي
أتطمع أن تشدو بشعرك قينة ... تررده في آهة الدنف الصب
وأنت الغناء الصفو والحب والمنى ... وأنت صداح الطير في الفتن الرطب
وأنت سماوي القصيد قبسته ... من اللاعج المشبوب والمدمع السكب
تناجي به السمار في غسق الدجى ... وغنى به المشاق في البعد والقرب
ولما يزل سؤل النفوس وقصدها ... وشغل الليالي الزهر والأنجم الشهب
فيالك من شعر رقيق منغم ... يرف رفيف الطل في ناضر الشعب
ترقرق بالشكوى وضمخ بالأسى ... فجاد بما يغرى وجاش بما يصبى
أأنت من الوجدان والطبع صغته ... وأفزعته من حرقة الوجد والحب
وأشربته نجوى تذوب رهافة ... وتخضل بالتذكار والأمل النهب
يرى الواجد المكروب فيه عزاءه ... ويبصر فيه الترب يحنو على الترب
عزيزا! أيا وشي القريض وسحره ... ويا دمعة الذكرى ويا رثة العتب
دع الشعر للأيام تغلى فريده ... وتحفظه في مهجة الفلك الرحب
وترسله لحنا جديدا على المدى - يظل غناء الروح والفكر والقلب
تخلده الأحقاب في الطير شاديا ... فإما شدا بات المحب بلا لب
وفي الأمل المغضوب والحزن والجوى ... وفي الشوق والآهات والسهد والكرب
وفي الغائب النائي الذي لفه الردى ... ففاض حنانا وهو في زفرة النحب
غريب حريب لا يفر قراره ... إلى أن نرى في الخلد جنبا إلى جنب
فما الشعر إلا ابن المدامع والأسى ... تجود يه الأجفان غربا إلى غرب
إذا خاطب الأرواح رفت بشاشة ... ولو أنها في وحشة المهمة الجدب
يظل حداء الركب ترمى به النوى ... فينسيه ما يلقاه من مسلك صعب