للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تذكار الشاعرة الكونتس دي نواي ١٨٧٦ - ١٩٣٣]

للأستاذ خليل هنداوي

خلاصة مقال نشرته مجلة في تموز الغابر للأديب (موريس را)

دي نواي والطبيعة

يقول (جابريول) إن الشاعرة الفتاة - صديقة الحدائق - قد تأثرت كثيرا بالشاعر الكبير (جامس) وقد وضح هذا التأثر في ديوانها (القلب الذي لا يمكن تعديده) فهناك تشابه قريب بين الروحين وبين الفنين. فمقطوعات الشاعر (جامس) (الآس البري الأزرق) و (شجرات الجوز ذات الأزهار البيضاء) و (طيب الغصون المبتورة قبل الشتاء، وهو ينتشر كالمحزون في أجواء الغابة) قد ألهمت (دي نواي) كثيرا. وهب أن (جامس) لم يكن مترنماً بهذه المقاطع، فهل كان باستطاعة (دي نواي) أن تستنزل ذلك الإلهام، وأن تخترق بروحها ما اخترقت من تلك الآفاق الواسعة. قد يكون الجواب لا، ولا ريب! ولكن مالنا ننكر على (دي نواي) براعتها وخصائصها، فهبها إنها كانت حميلة على (جامس) في كي ما أنتجت وأخصبت، فأن للشاعرة وراء هذا كله مجداً وبراعة خاصة. لقد أغارت على طائفة من معاني (جامس) إغارة روحية لا أدبية، ونظمت ما تلجلج فيه (جامس) نظماً رقيق الحواشي، لطيف التعبير، زاخراً بالعاطفة، جرت فيه على الأسلوب العاطفي، أسلوب (هوجو ولامرتين). أما هوجو فقد كان كثير الرؤى والأحلام و (بودلير) كان يعبث بالطيوب عبثا، أما (الكونتس) فقد فتحت قلبها للصباح وودت أن تلمسه وتذوقه بحاستي اللمس والذوق، كما تقول:

(أفتح فمي للهواء الذي ترطبه الانداء)

وفي موطن آخر تراها لا تشبعها الطيوب ولا الألوان ولا الألحان، تتذوقها وتظل جائعة نهمة، فتعلن أنها تود أن تلمس العالم والطبيعة بيدها، فنقول بلهجة صادقة:

(أريد أن ألمس عذوبة هذا الفضاء، هذه العذوبة الندية الزرقاء حيث العصافير السكارى تثب وتنفذ في مساربه كما تشاء)

فهي تريد أن تتذوق وأن تتروح وأن تلتمس وأن تلتهم جمال الصباح، هي تستطيع أن تقول مع (سانت انطوان) بنأليه الكون. (أريد أن يكون لي أجنحة، وأن أدخل في كل

<<  <  ج:
ص:  >  >>