[نحن والماضي]
للأديب عبد اللطيف النشار
قضت أم أوفى، بلل الغيث قبرها ... فعدِّ عن الدراج فالمتثلم
واخلى الفراعين الكرام مقامهم ... لأشبه منهم بالحياة وأعظم
أمن نسل مينا أنت أم نسل جرهم ... إلى أي فرعي دوجة المجد تنتمي؟
يقول حصيف الرأي من نسل آدم ... له صبر مصري وإيمان مسلم
أفخراً بأن راضوا قوياً منعماً ... ولا فخر في إحياء شلو محطم
عفاء على الدنيا إذا كان ما مضى ... نهاية شعب تائق متوسم
مضى ما مضى، الإسلام ورحمة ... سلام وفاء لا نفجع أيم
ولسنا من الماضين أدنى مكانة ... ولا كان أوفى الفضل للمتقدم
ورثت زهيراً شعره ومكانه ... وما مال نسل وارث بمحرم
فما وقف الماضون مجداً ليحبسوا ... على غير أحفاد لهم كل مغنم
ولكن مجدنا ملكهم فهو مجدنا ... ولم يبق منهم غير ذكرى وأعظم
ألا أيها الجاثي على قبر هالك ... تعز فان الدمع أغلى من الدم
تعز يعش ما بين جنبيك قلبه ... فما مات ذو نسل عزيز مكرم
ولا عاش من لا ينطوي في ضلوعه ... سوى زفرات الآسف المتندم
ومن كان ماضيه نهاية جاهه ... يعش في سديم من دجى الهم مظلم
بداية عمر المرء إشراق شمسه ... وكم من شموس ليس يدركها العمي
فخرت برمسيس ورمسيس جثة ... فخارك أن تحيا بعزم مصمم
يفاخر بالأحياء حي ويزدهي ... بمن مات ذو قلب كسير مهضم
لعمري لقد جفت سنابل يوسف ... وحامت على أبقاره أم قشعم
لقد أنقذ الأحرار من رق يوسف ... بما أنشأوا في كل أرض وعيلم
وأسراب طير من حديد محدم ... وغائصة في غائر القاع مظلم
وما الحرب إلا عزة واستطالة ... فلا تنقضوا حكم القضاء المحتم
ولا تحسبوا في السلم غنماً لحالم ... ألا ضل رأي الآمل المتوهم