لقد كنت في حياتك بي مرحبا حفيا، وهاأنا قد أصبحت اليوم بموتك شقيا. . . لجأت إلى الدموع فلم تسعفني من شدة الحزن. . . وشر الدمع ما كان عصيا. . . واقتل الحزن ما كان مكتوبا دفينا
وما قَّصرت في جزع ولكن إذا غلب الأسى ذهب البكاء
أي سليمان! فما اعظم مصابي بك! وما اشد حزني عليك!
إلى الله أشكو لا إلى الناس أنني ... أرى الأرض تبقى والأخلاء تذهب
أخَلاي لو غير الحِمام أصابكم ... عتبت، ولكن ما على الموت معتب
اتصلت بالمغفور له سليمان فوزي منذ نيف وعشرين سنة فألفيته على جوانب عظيمة من المروءة والشهامة والنجدة والإخلاص لإخوانه، والاستخفاف بالشدائد والاعتداد بالرأي والاعتماد على النفس والاستهانة بالمال ينفقه في سبيل أداء الواجب نحو وطنه وأبناء وطنه وإخوانه وزملائه، إذ كان يؤثرهم على نفسه، ويا طالما كان يضيق على نفسه ليوسع على العافي المعوز من أصدقائه الذين اتصلوا به
ولقد لازمت الفقيد - رحمة الله - في كثير من أوقات الشدة والمحنة داخل السجن وخارجه، فكان القدوة ومضرب المثل في الشدائد مع الرضاء. . . كان يقابل النكبات بابتسامته الساخرة والتهكم المحبب إلى ذوي النفوس القوية، فإذا حاولت أن تسري عنه أو تهون عليه سرعان ما كان يقف منك موقف المسري المخفف لما حاولت أن تهونه عليه! مزدرداً البلوى النازلة مهما عظمت، والنكبة الطارئة مهما كبرت، بتلك الكلمة التي يتخذها شعاره وهي:(ربنا يستر). كان يقولها في المواقف الحرجة التي ترتعد فيها الفرائض، والمواطن الخطرة التي تنخلع لها القلوب وتذهب شعاعا. ولا عجب، فقد كانت تتجلى في الأستاذ سليمان فوزي جميع صفات الشجاعة بأجلى ما في كلمة الشجاعة من المعاني، إذ كان يمضى قدماً إلى الغاية التي كان يتوخاها بنقده، والهدف الذي كان يرمي إليه بحملته