١ - تلقى العالم العربي بترحاب مذكرات دولة صدقي باشا لأنها كشفت بعض ما خفي من أسرار السياسة، وأصبحت تتم حلقات الوثائق التاريخية. وقد انتظر الكثيرون أن يكون لها نفس الروعة والأثر اللذين تتركهما في نفس القارئ مذكرات تشرشل وغيره من جبابرة السياسة في القرن العشرين.
٢ - والمطلع عليها في مجلة المصور يشهد بأن دولته قد بذل جهداً في تحريرها وجمع موادها بعد مضي فترة طويلة على الحوادث، بدليل أنه لم ينقل إلينا شيئاً واقعياً حياً أو صورة حية لما سجله قلمه وقتئذ، ولكنه تناول بأسهاب بعض المسائل العامة، ومر مروراً على حوادث أخرى. وإني ألتمس له العذر في ذلك لأن صفحات المجلة لا تتسع لأكثر من ذلك.
٣ - ومن قبيل ما تناوله دولته باختصار مسألة واحة جغبوب وخليج السلوم: فقد رسمها بقلمه ليقنع القارئ بأن السياسة الحزبية صورت الاتفاق بصورة سوداء، مع أنه وفق في حل هذه المسألة توفيقاً انتهى به إلى نتائج معلومة سبق أن وضعتها السياسة المصرية أمام أعينها، وأنه بهذا الاتفاق حقق لمصر أهدافاً معينة هي من عمله وحده.
٤ - والذي نعلمه هو أن الحدود العثمانية القديمة كانت تجعل السلوم داخل الأراضي الطرابلسية، وأن احتلال السلوم حدث مرتين: الأولى في سنة ١٩١١ بواسطة الجنود المصريين عقب إعلان الحرب بين تركيا وإيطاليا مباشرة، والأخرى في الحرب العالمية الثانية عقب انسحاب القوات السنوسية منها، وبقيت بيد القوات المصرية منذ ذلك التاريخ إلى أن عقد الاتفاق المشار إليه بين مصر وإيطاليا.
٥ - جاء الاحتلال الأول بناء على أوامر كتشنر تنفيذاً للاتفاقات السرية التي عقدتها الحكومة البريطانية مع إيطاليا التي تنص على إدخال جزء من الأراضي العثمانية في