ذلك شاعر آخر من الشعراء المغمورين الذين نشأوا في مصر، وتأثروا بما يجري على أرضها من أحداث، تظهر في أعمالهم الشعرية التي خلفوها خصائص هذه البيئة ومزاياها. ذلك هو الشاعر المعروف بالشهاب المنصوري
ترجمته
يعرف هذا الشاعر بالشهاب المنصوري، وبابن الهائم والمترجمون له يستعملون هاتين الشهرتين. فأما نسبه كاملاً، فهو أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عبد الدائم بن رشيد الدين بن عبد الدائم بن خليفة المعروف بالشهاب المنصوري.
ولد سنة ٧٩٨هـ ببلدة المنصورة، ونشأ بها، فحفظ القرآن وجوده، وتلقى بعض المبادئ في الفقه والحديث والتفسير والأدب، ثم رحل إلى القاهرة، فعرض كتاب التنبيه على الجمال الأقفهسي المالكي، ثم حفظ الملحة وقد رحل في شبابه مع والده إلى دمشق، ثم عاد إلى القاهرة وعاود البحث في التنبيه على الشرف عيسى الأقفهسي الشافعي، وعرض ألفية ابن مالك على الشمس الجندي وأخذ عنه أشياء من تصانيفه في النحو كالزبدة والفطرة، ولما فرغ من قراءته عليه قال:
ثناؤك شمس الدين قد فاح نشره ... لأنك لم تبرح فتى طيب الأصل
أفاض علينا بحر علمك قطرة ... بها زال عن ألبابنا ظمأ الجهل
وأخذ النحو أيضاً عن البدر حسن القدسي شيخ الشيخونية، وسمع الحديث عن الرشيدي وتنزل في حنابلة الصوفية بالشيخونية وعانى الأدب وطارح الشعراء، وصار بأخرة أوحد شعراء القاهرة حتى كان العز قاضى الحنابلة يقدمه على الكثيرين، وقد حج وامتدح النبي بعدة قصائد، وخمّس البردة ومدح غير واحد من الأعيان، وكان صديقاً للسخاوي، صاحب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، وقد ترجم له ترجمة ضافية، ويقول الشهاب المنصوري يهنئه بمولود له: