[الصليب]
للشاعر لامرتين
بقلم الأستاذ محمد أنور ولاية
(ماتت ألفير في ١٨ ديسمبر ١٨١٧ وهي جوليا في قصته رفائيل بعد أن عانت آلاماً مبرحة وقد حمل أحد أصدقاء لامرتين إليه من التي كان يحبها الصليب الذي كانت ممسكة به ساعة النزع. فنظم هذه الأبيات بعد مضي عام. ولكنها لم تنشر إلا في عام ١٨٢٣ في مؤلفه (التأملات الثانية)، وربما أدخل عليها المشاعر في تلك المدة بعض التعديل كعادته)
أنتَ الذي التقطتك من فوق فمها وهي تكابد غصص الموت، في ساعة الوداع وهي تلفظ النفس الأخير
إنك رمز قدسي لصورة الإله، ومنحة من يدها وهي نفارق الحياة
كم دمعة ذرفتُها تحت قدميك اللتين أعبدهما،
ومنذ الساعة المقدسة قد تسلمتك يداي المرتعشتان
وأنت ما تزال دافئاً من نفسها الأخير، المنبعث من أحشاء هذه الشهيدة.
كانت المشاعل المقدسة ترسل شعلة أخيرة،
وكان القس يتمتم بأغاني الموت العذبة، الشبيهة بتلك الأغاني ذوات الأنين المؤثر التي ترددها المرأة للطفل المسترسل في النوم.
لقد انطبع على جبينها أثر ذلك الأمل، المنطوي على الورع والتقوى.
وعلى أسايرها التي بدت في جمال رائع،
طبع الألم الهارب بهاءه والموت جلاله.
وهذه الريح التي كانت تداعب جدائل شعرها،
كانت تكشف لي عن محياها آناً وتحجبه آناً،
كما تموج ظلال شجر السرو السوداء على قبر ناصع البياض.
كانت إحدى ذراعيها متدلية من فراش الموت،
والأخرى منثنية على قلبها بتراخ كأنها ما زالت تبحث عن صورة المنقذ لتضمها إلى فمها.
فتحت فاها لتعانقه ثانية،