(قمة من القمم الشوامخ في أدب هذه الدنيا قديمه وحديثه)
للأستاذ محمد الخفيف
في القوقاز
قرأ ليو كثيراً في القوقاز وهو منذ حداثته لا يسلو الكتب مهما صرفته عنها أهواء شبابه؛ فإذا عاد إليها أقبل يقرؤها في جد وعناية وقراءة تدبر واستمتاع، ولم يتفه كتاب مما كان يصدر يوم ذاك في روسيا أو في أوربا، كذلك لم تفته صحيفة أدبية تعنى بألوان الأدب المعاصر وتهتم بنقده، وكان في مقدمة تلك الصحف مجلة (المعاصر) التي نشرت له أول آثاره. . .
وكان لترجنيف جانب كبير من اهتمامه، وكان ترجنيف الذي يكبره كما أسلفنا بعشرة أعوام قد نشر سنة ١٩٤٧ أول كتاب له وهو (مذكرات رجل صيد) الذي سبق أن أشرنا إليه، فكان ليو يعيد قراءته بين الحين والحين؛ ولعل ما استمتع به ترجنيف من ذهاب الصيت بكتابه الأول هذا قد ألقى في نفس ليو تولستوي أحلام المجد الأدبي وبخاصةً بعد أن صادف كتابه (عهد الطفولة) ما أشرنا إليه من نجاح.
وكان لجوجول كذلك منزلة عظيمة في نفس تولستوي، فكان يطيل التأمل في قصة (الأنفس الميتة) في قصته الفكهة (في). . .
ولم يسه تولستوي عن الأدب الأوربي فكان يقرأ آثار أعلامه جميعاً، وكان يتتبع ما ينشر دكنز في شغف كبير ويقدمه على كل قصصي سواء؛ وكذلك كان عظيم الإعجاب بالكاتب الإنجليزي ستيرن الذي ذكرنا اسمه قبل فيمن ذكرنا ممن قرأ الفتى آثارهم؛ كان ستيرن من رجال الدين ولد سنة ١٧١٣ وتوفي سنة ١٧٦٨ فهو من أعلام القرن الخامس عشر وقد اشتغل بالأدب، وامتازت مؤلفاته بروح الفكاهة والعاطفة، وبلغ في قوة خلق الأشخاص وتصويرهم مالا يبلغه إلا الأفذاذ القلائل، فكان لآثاره ميزة الأصالة والنبوغ، وقد نشر قبيل وفاته أشهر كتبه وهو (الرحلة العاطفية)، وقد كان تولستوي شديد التأثر عظيم الانجذاب