أتيح لي أن أتناول (تاريخ القرآن) للأستاذ الزجاني أبي عبد الله، فأقرأ في مقدمته كلمة الأستاذ (أحمد أمين) القيمة في بابها. أقرأها، فيطربني ما فيها من نغمة متواضعة على وتر من إحساس جديد، نعرفه في أستاذ اليوم
ولا أكتم الأستاذ أني رجعت إلى ذكريات اختزنت عنه من قراءتي لفجر الإسلام وضحاه. ما آلم هذه الذكرى! فقد خلقت للأستاذ عندي شخصيتين، تباعدتا على قرب العهد بينهما، وكادت تدفعني يومئذ إلى مقالة أضعها بين يديه في (الرسالة) أوفي غيرها: لا تخرج عن عتاب بريء على كتابيه، وعن تشجيع على كلمته الأخيرة وتأييد لها، وهي التي أطمعتني فيه، لننشد صراط الإصلاح المستقيم، ولكني تلكأت لا لشيء، وما أدري لماذا كان؟ ولعله لصلاح!
ومنذ أيام كان عدد الرسالة الـ (١١٠) في يدي، فقرأت كلمة الأستاذ محمد بك كرد علي، عن تاريخ القرآن ومقدمته، فطابت لي النبرة وجريت عليها حتى تناولت القلم، وهاأنا ذا أحدثك وأنا شيعي أجري مع سنيين في ميدان الإصلاح لحظيرة الوحدة التي أقامها لنا نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم
شهد الله والنبي الأكرم أن من أثقل الأشياء على قلمي أن يقرن بين كلمتي سني وشيعي: يتقارنان تقارن افتراق، ويتصلان اتصال تنافر، كقطبي المغناطيس المتماثلين، وقد خلفت لهما السياسة الغاشمة هذا التنافر الشائن يوم خلقت، وآن لنا أن نخجل أمام الله ورسوله من استمرارنا على هذا الشنآن بين أعداء تستمر على مطاردتنا وتستغل افتراقنا. وما أجدرنا اليوم أن نضرب على هاتين الكلمتين في قاموس اللغة، فنستريح ونريح، ونعود أمة إسلامية واحدة كما أرادها الرسول، أو كما أرادها الله آمنة مطمئنة خير أمة أخرجت للناس!
يرجو الأستاذ (أحمد أمين) في مقدمته - بعد أن ألمع إلى بعض أسباب الخلاف - (أن يفكر عقلاء الفريقين في سبيل الوئام، ويعملوا على إحياء عوامل الألفة وإماتة الخصام، ويتركوا للعلماء البحث حرا في التاريخ، ويتلقوا النتائج بصدر رحب) ويتابعه الأستاذ (محمد بك