ألمانيا هي لولب السلم والاستقرار والرخاء في القارة الأوربية إجمالا، فإنتاجها من الصناعة الثقيلة والفحم والمواد الخام الأخرى، ومبادلتها هذا الإنتاج مع الدول الأوربية المجاورة، بالإضافة إلى حيوية الشعب الألماني وتأصل الروح العسكرية في بنيه، يفرض على المهتمين بالشئون الدولية مراقبة كل تطور يلم بالمشكلة الألمانية باهتمام خاص. فإن الظروف التي أحيط بها الألمان في أعقاب هزيمتهم ظروف مؤقتة تتلاعب بها مصالح متنافسة بين الروس وحلفاء الغرب مما يهيئ لشعب واع كالشعب الألماني أن يستفيد من حدة هذا التنافر كما حدث له في أعقاب الحرب الأولى في الأشهر الأخيرة ألم بالمسألة الألمانية أحداث هامة. فقد أعلن حلفاء الغرب في مناطق احتلالهم مشروعين رئيسيين يتوخيان إنهاء حالة الاحتلال العسكري في ألمانيا والعمل لإنشاء دولة ألمانيا مقيدة الصلاحية في شؤون الدفاع والسياسة الخارجية؛ لكنها إصلاحيات واسعة في الشؤون الإدارية والاقتصادية والفكرية إلى حد ما. وهذا التطور يعني أن الألمان منذ هزيمتهم الأخيرة يعطون الفرصة لإعادة ما يستصوبونه من يتفق مع حاجاتهم ومصالحهم ونزعاتهم. وأحد هذين المشروعين يتعلق بتصفية الخلاف بين حلفاء الغرب أنفسهم حول المنطقة الصناعية الألمانية الهامة في الرور، وهذا يعني أن عقبة كبرى في وجه الحكم الذاتي لألمانيا قد زالت في منطقة حلفاء الغرب على الأقل.
أما المشروع الآخر فيتعلق بأنظمة الحكم والإدارة ومراقبة نمو القومية الألمانية لتسير في اتجاهات ديمقراطية وتكف عن التمجيد العنصري الذي مكن للنازية سرعة النجاح، وجعل العسكرية البروسية نظاماً تقليدياً هو المحور الذي يدور حواليه الألمان باحثين عن مخرج لأزماتهم النفسانية والاقتصادية.
والدراسات المتوفرة عن حاضر ألمانيا تشير إلى سرعة نمو القومية الألمانية نمواً عنيفاً حاداً. وهذا ما دفع حلفاء الغرب لأن يصوغوا الأنظمة والبرامج التي يضمونها للحكم الذاتي في ألمانيا في قوالب تحارب هذا النمو وتسعى جديا ًللحد من عنفه وتوجيه توجيهاً إنشائيا يتفق ومصلحة الحلفاء والديمقراطية التي يتوخون تثبيتها في أواسط أوربا. والسلاح