كانت لوكريسيا إلى جانب هذه الرعاية الأدبية التي تبذلها لأقطاب الشعر والأدب، تعاون زوجها في حكم ولايته معاونة قيمة؛ وكانت تتولى إدارة الشؤون العامة أثناء غيابه، وتبدي في تصريفها حزماً وبراعة
وكان زواجاً موفقاً في البنين، فقد رزقت لوكريسيا بغلامين أحدهما في سنة ١٥٠٨ ويدعى هرقل، والثاني في العام التالي ويدعى ايبوليت، ورزقت بعد ذلك بعدة أعوام بابنة دعيت ألينور، فغلام ثالث يدعى فرنشيكسو
وخاضت إيطاليا مدى حين حروباً أهلية طاحنة، وحملت فيرارا قسطها من هذه المعارك، وتقلبت في صعاب وأزمات شديدة، ولكن لوكريسيا كانت في هذه الأعوام العصيبة مثال الثبات والجلد، وكانت تعمل على تخفيف آلام الشعب ما استطاعت، وكان الشعب يحبها ويعتبرها كالأم الرؤوم
وكانت لوكريسيا عندئذ في عقدها الرابع، أماً ناضجة، وكأنما طوت كل مراحل هذه الحياة فتية، وكانت قد اختتمت منذ بعيد هذا العهد الضاحك الذي كان قلبها يشع فيه مرحاً وغبطة، واستقبلت عهداً جديداً تسوده الرزانة والخطورة، ويسوده الزهد والترفع عن متاع هذه الحياة، فكانت في أعوامها الأخيرة في فيرارا تذهب كل صباح إلى (المعترف)
أجل، كانت لوكريسيا تقترب بسرعة من الخاتمة المحتومة، ففي ١٤ يونيه سنة ١٥١٩ وضعت لوكريسيا طفلة ميتة، وكانت في اشهر حملها الأخيرة تشكو آلاماً مبرحة؛ وكان الوضع هو الضربة القاضية، إذ اشتدت الآلام والمرض، وشعرت بقضائها يدنو؛ فأملت في يوم ٢٢ يونيه خطاباً وجهته إلى البابا ليون العاشر، وفيه تلتمس من البابا أن يباركها في عبارات بليغة مؤثرة؛ وبعد ذلك بيومين فقط، كان القضاء المحتوم، وصعدت إلى بارئها تلك الروح الوثابة الساطعة، وأغلقت لوكريسيا بورجيا عينيها الساحرتين إلى الأبد، وقد أشرفت فقط على الأربعين من عمرها
هكذا كانت حياة تلك التي أثارت في عصرها بشخصيتها الساحرة وحياتها الساطعة كثيراً