للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

من الحب والعطف، والنقمة والروع؛ ثم غدت سيرتها بعد ذلك على كل العصور مستقى لكثير من القصص الشائق المثير معاً

والآن، وقد فرغنا من تتبع هذه الحياة في أدوارها المختلفة، نعود فنحاول أن نتلمس فيها مواطن الحقيقة والخيال

هل كانت لوكريسيا بورجيا تلك التي تصفها الرواية المعاصرة شيطاناً للرذيلة والإثم؟ وهل كانت تلك البغي السافلة التي تتقلب بين اذرع أبيها وأخويها؟ أم هل كانت ضحية اتهام شائن تمليه الخصومة والحقد؟

إن هذه التهم الشائنة التي تنسبها الرواية والقصة إلى لوكريسيا بورجيا، والتي أشرنا أليها فيما تقدم ترجع إلى الروايات المعاصرة ذاتها، وهذا ما يسبغ عليها مسحة من القوة؛ وقد رأينا كيف أن بور كارت مدير التشريفات البابوية يثبتها في مذكراته كوقائع حقيقية، وقد كان بور كارت بمركزه واتصاله المستمر باسكندر السادس وأفراد أسرته، ممن يستطيعون الوقوف على الحقائق من مصادرها

وقد حذا حذو بور كارت عدة من المؤرخين والرواة المعاصرين مثل جويشارديني المؤرخ والسياسي البارع، وقد كان من أعلام العصر؛ فهو يردد في كتابه (تاريخ إيطاليا) معظم التهم والآثام التي نسبت إلى لوكريسيا وإلى إلهها

ومن أدلة الاتهام المعاصر أيضاً وثيقة خطيرة، هي خطاب كتب في سنة ١٥٠١، ووجهه كاتبه إلى سيلفيو سافيللي، وهو أحد النبلاء الإقطاعيين الذين نزع اسكندر السادس أملاكهم؛ وكان ذلك الحين يقيم في بلاط إمبراطور ألمانيا مستجيراً به؛ ولم يعرف كاتب الخطاب، ولكن ذكر في ختامه أنه حرر في تار انتو في المعسكر الملكي (الإسباني)

وفي هذا الخطاب يعدد الكاتب آثام اسكندر السادس وآل بورجيا، ويتحدث عن أطماعهم وجرائمهم السياسية والاجتماعية، وعما يرتكبونه من صنوف العيث والفجور والهتك، وعن انتهاكهم لكل الحرمات الدينية والاجتماعية وسحقهم لكل مبادئ الحياة والحشمة؛ ويتحدث بنوع خاص عن شيزاري بورجيا وجرائمه الدموية، وعن لوكريسيا وعلائقها الأثيمة مع أبيها أخويها، وعن الحفلات الخليعة الشائنة التي يقيمها البابا وأبناؤه، ويخص بالذكر حادثة الليلة العارية التي اجتمع فيها خمسون من غانيات رومة عراة أمام البابا وأولاده وارتكب

<<  <  ج:
ص:  >  >>