للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فيها من صنوف الفحش المثير ما ارتكب وما أشرنا إليه فيما تقدم؛ ويتحدث بوجه عام عن حالة المجتمع الروماني في ذلك الحين وما بثه إليه آل بورجيا من صنوف الفساد والآثم والروع؛ كل ذلك في إفاضة ومنطق قوي يدل على تمكن الكاتب من الشؤون التي يتناولها

وقد ترجم هذا الخطاب الذي يعرف بخطاب (سافيللي) إلى معظم اللغات الأوربية ونشر في سنة ١٥٠٢ في جميع العواصم، وكان له وقع هائل في إيطاليا، وفي أوربا كلها؛ وسجلته أيضا جميع التواريخ والروايات المعاصرة

ويرى المؤرخ الألماني جريجوروفيوس في كتابه (تاريخ رومة في العصور الوسطى) في هذا الخطاب وثيقة حقيقية تمثل صورة رومة في عصر آل بورجيا، وأنه لا تفضلها وثيقة أخرى في تصوير سياستهم الفاجرة، وما بثوه من الروع في المدينة على يد أعوانهم وجواسيسهم

وترى هذه التهم ماثلة لا في الروايات المعاصرة فقط، ولكن في كثير من الكتب والرسائل السياسية المعاصرة، وفي شعر بعض أكابر الشعراء المعاصرين

ومازالت سيرة آل بورجيا، وسيرة لوكريسيا، بما يتخللها من تلك الصور المروعة المثيرة، حتى العصر الحديث مستقى القصص والشعر؛ وقلما يخترع القصص أو الشعر فيها شيئاً لم تدونه الروايات المعاصرة؛ ومع ذلك فإن هذه القطع القصصية أو الشعرية تقوم على كثير من الوقائع الغرقة أو الخيالية المحضة التي لا يستطيع المؤرخ أن يقف بها مثال ذلك ما كتبه اسكندر ديما عن (آل بورجيا) في كتابه (الجرائم الشهيرة)، فقد تناول سيرة آل بورجيا ولوكريسيا في فصل طويل فياض بالوقائع والصور المدهشة، وقدم لنا اسكندر السادس، وابنه شيزارى، وابنته لوكريسيا في أروع الصور وأسفلها: طغمة من الأبالسة، تسحق الحياة البشرية تحت أقدامها، وتبث الدمار والموت في أرجاء المدينة الخالدة، بالسم والخنجر وكل وسيلة آثمة؛ وقدم ألينا لوكريسيا في صورة بغي سافلة، تعاشر آباها وأخويها، وجمعاً كبيراً من الصحب والخلان

ووضع فكتور هو جر قطعته المسرحية الخالدة (لوكريسيا بورجيا) فجاءت خلاصة من تلك الروايات المغرقة المعاصرة، ولا بأس من أن نقدم خلاصتها ليرى القارئ كيف أن الشاعر لم يلحظ في مادته إلا أن تكون مثار السحر والروع:

<<  <  ج:
ص:  >  >>