[على قبر زوجها]
للأستاذ محمود الخفيف
صَلَّتْ لدَى أَحْجَارِه خَاشِعَهْ ... ياَ قُدْسَ هَذِى الصَّلاَهْ
الله لِلزَّائِرَةِ الْجَازِعَهْ ... كَمْ هَدْهَدَتْهَا يَدَاهْ
تَطُوفُ فِي نَظْرَتِهاَ الضْارِعَهْ ... بِنَفْسِهاَ كُلُّ طُيُوفِ اَلْحيَاهْ
والصَّمْتُ في وَقفَتِهاَ الرَّائِعَهْ ... ياَ عَيْنُ لاَ يَبْلُغُ نُطْقٌ مَدَاهْ!
كَمْ يَسْحَرُ الأنفُسَ هَذَا الْجَمَالْ ... بَيْنَ الضَّنَى وَالْحَزَنْ
كَأنماَ تُبْرِزُ تِلْكَ الظِّلاَلْ ... من سِرِّهِ ما كَمّنْ!
وَالْمَوّتْ يُلْقِي مِن سِمَاتِ الجَلاَلْ ... ما عَلِقَ القَلْبُ بِهِ وافتَتَنْ
مَا كانَ إِلاْ للصِّبَي والدَّلاَلْ ... والْحُبِّ وَالزِّينَةِ هذا البَدَنْ
وَاهَا لِهذَا المُلْهَمِ الْقَادِرِ ... السِّحْرُ فِي رِيشَتِهْ!
لَوْ طُفْتُ بالواقِعِ لا الْخَاطِرِ ... ما زاد عن صُورَتِهْ
لا يَنْثَنِي عَنْ سِحْرِهَا ناَظِرِي ... إلاّ هَفَا قَلْبِي إلى رُؤُيَتِهْ!
كَمْ تَلِدُ الأَوْهَامُ للشْاعِرِ ... في مَسْحَةِ الفَنِّ وفي لَمْحَتِهْ
وُجُومُ هَذِى الغَادَةِ المطْرِقَهْ ... كَمْ رَفَّ قَلْبِي لَهُ
أَلْمَحُ فِيِه لْهفَةً مُوبقَهْ ... تَرْسِمُ لِي هَوْلَهُ
فِي شَفَتَيْهاَ لوْعَةٌ مُحْرِقَهْ ... من فَادِحٍ ما جَزِعَتْ قَبْلَهُ
مُمْسِكَةٌ إِيَّاهُاَ مُطْبِقَهْ ... فِي مَوْقِفٍ مَا إِنْ رَأَتْ مِثلَهُ
ياَ رَحْمَتَا لِلزَّوْجَةِ الثّاكلِ ... تَأْسَى عَلَى إِلْفِهَا
ذِكْرَانُهَا عَيْشَ الهوَى الزّائِلِ ... يَزِيِدُ في لَهْفِهَا
والوَجْدُ فِي هَيْكَلِهَا النَّاحِلِ ... تَحْمِلهُ ضَعْفاً عَلَى ضَعْفِهَا
كمْ عِنْدَ هذا الأثَرِ الماثِلِ ... تَبْتَعِثُ الوَحْشَةُ مِن خَوْفِها
إلاَّ تُرِقْ دَمْعاً عَلَى قَبْرَهَ ... فَقَلْبُهَا دَامِعُ
كَمْ حَاوَلَ الدَّمْعَ فَلَمْ يَجْرِهِ ... مِنْ فَرْطِهِ جَازِعُ
ما يُشْبِهُ الصِّبْرَ عَلَى ثَغْرِه ... والهمُّ في أَحْشائِهِ لاذِعُ!