في وسعنا أن ننظر إلى عملية التطور السامية من ناحية جديدة، فقد سهلت للحيوان أن يخضع لسيطرته جميع الأماكن الملائمة للحياة، ويجعل المحيط خادماً لمصلحته ومصلحة نوعه.
يظن أن العضويات الحية استوطنت السواحل البحرية أولاً لما في تلك المناطق من ظروف ملائمة للحياة، فهي قليلة الغور غنية بالنور والهواء والغذاء ولاسيما أن الأعشاب البحرية النامية في تلك الأماكن تجهز المواد الغذائية بمقياس واسع. إن هذه المناطق مأهولة في الوقت الحاضر بممثلي جميع أصناف الحيوانات تقريباً من النقاعيات إلى الطيور الساحلية واللبائن.
(٢) المواطن البحرية
إن الموطن البحري يشمل جميع سطوح المياه الغنية بالنور عدا المناطق الساحلية القحلة. ويظن أن الحيوانات استوطنت هذه الأماكن لتجانسها ووفرة ما فيها من خزيات مجهرية تصلح طعاماً لها. إن هذه النباتات المجهرية تستمكن في أجسام حيوانات دقيقة كالقشريات البحرية - التي تعتاش عليها الأسماك، وهذه بدورها تصبح طعاماً للسلاحف المفترسة والحيتان ذوات الأسنان. وبهذا الاعتبار يظن أن البحر المكشوف كان المواطن الأصلي للحياة. وقد يكون الأستاذ (شرش على صواب في تصوره أن الحياة البحرية تقدمت على الحياة الساحلية.
(٣) أعماق البحار
يظن أن قعر البحار العميقة كان موطناً ثالثاً للحياة؛ ففي ذلك المحيط البارد وفي ذلك الشتاء الدائمي والظلام الدامس الذي لا يضيء فيه غير بريق الحيوانات الفسفورية الضئيل، وتحت ذلك الضغط الهائل - طنان ونصف طن على البوصة المربعة الواحد في عمق ١٥٠٠٠ قدم - وبين ذلك السكون العميق وفي تلك الوحدة الرهيبة؛ أجل في تلك الظروف