يذهب دافنيل ' في كتابه عن (تاريخ الملكية الاقتصادي. . .) أن العمل الفني الذي أخرجه أناس مجهولون أوتى، منذ القرن السابع عشر، ربحاً يعادل ثلاثة أضعاف الربح الذي قدر للآثار الفنية الرائعة التي أبدعها فنانون عباقرة عرفهم الناس فسار اسمهم، وشردت روائعهم في كل مكان
أفيكون للمال الذي يربحه الفنان، والرواج الذي يُقَدَّر لآثاره ورائعاته، أثر في قريحته ونبوغه؟ أيدب اليأس في نفسه عند رؤيته الغث يروج وينفق، والحسن يكسد ويهمل؟
هذا الأثر، كما أعتقد، يظهر في عدد المؤلفات، وفي شكل الآثار عند من يبتغي المال، ويتخذ الفن سبيلاً له، ويبدع، إن أبدع للسوقة لا للخواص
لا جرم أن هناك فنانين ذوي اقتصاد أو بخل أو تفتير، وأن هناك آخرين ذوي سرف وترف وتبذير، وأن فيهم جميعاً من يحب المال ويسعى إليه؛ ولكن ذلك كله لا يؤثر في عبقرية الفنان فيشلها أو يعلها. لقد كان من المقترين الموسيقي الإيطالي (باليسترينا وفيكتور هوغو، وميكيل آنج. . . وكان من المبذرين موزار، ولامرتين، ورامبراند. . . ولكن لم نر أن حبهم للمال أو تقتيرهم فيه أو حرصهم عليه، كان سبباً في خصب قرائحهم أو جديها؛ لأن الحقيقة هي أن هؤلاء، ونعني الفنانين الموهوبين، سواء أمبذرين كانوا أم مقترين، يجدون في الفن حاجة لا يتحولون عنها، لأن فيها متعة ولذة. فهم لا يعلمون، كل في فنه، ابتغاء المال، لكن إرضاء لأنفسهم. إذ ليس بهم سبيل إلى الصدوف عن الفن؛ فهم يعملون للفن، كما يعملون، بقدر، للحياة. ينظمون كما يبصرون، ويشعرون كما يأكلون؛ ويصورون كما ينامون. . . فإذا أشبعوا نفوسهم الجياع ورووا أرواحهم الظمآء بإبداع متع الفن الخالدات. . . تطلعوا إلى المال. فحاسة الفن، فما هي غير الرغبة في المال. لأن الرغبة في المال حاسة تساعد الفن، فما هي بالتي تبدع وتخلق، ولكنها تدفع وتهيج
وقد يكون من النزوع عن جدد العقل أن نقدر قيمة مؤلف من التواليف، أو أثر من الآثار، بما يقدم لصاحبه من الأموال. فقد يخرج الفنان آية من آيات الفن تتجلى فيها العبقرية