للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

في المسرح

١ - فجع المسرح الفرنسي بل العالمي في الإخراج والتمثيل بوفاة جورج بيتويف وقد شارك بيتويف المجددين من المخرجين الفرنسيين في فك قيود المسرح. فأتم هو وجوفيه ودولان وباتي مسعى كوبو (ومن قبله: في مسرحه الذي ثار فيه على الأوضاع المربوطة وأسم المسرح - والذي أحدثه هؤلاء النفر أنهم أنزلوا نص المسرحية في المنزل الأول فجعلوه كالصورة المنصوبة، وأخذوا هم يسلطون عليه الضوء من هنا والظل من هنا، من طريق الإخراج والتمثيل، حتى يبرز للعين وخصائصه تكاد تجسدها اليد، ودفائنه تتعلق بها البصيرة فتتصورها الحواس. وقديماً كان النص كالعجين يعجنه المخرج والممثل على أهوائهما. ومزية بيتويف أنه ذهب في الطريقة المستحدثة أبعد مذهب، وأشتهر بالبساطة بل بالسذاجة، وقد كنت أمل أداءه أو الأمر حتى فطنت إلى قوته المستترة وجلاله المتواري، فأدركت كم يجتهد الرجل (وزوجته أيضا: في ساعات التدريب حتى يبرز للنظارة كأنه غائب عنهم أو كأنه شبح يذهب ويجيء في عالم ثان. وكان بيتويف يختار من المسرحيات أبعدها غاية وأدقها لمحة وألطفها وضعاً. فأدى فيما أدى مسرحيات لأندرييف وتشيكوف الروسيين وإبسن النرويجي وشكسبير، وأقدم على بيرندللو الإيطالي فأقام باريس وأقعدها إذ أدى (ستة أشخاص يفتشون عن مؤلف) ثم أقدم على رابندرانات تاغور فأدى (رسالة أمال). فشق بتلك المسرحيات الدخيلة كوى ونوافذ في المسرح الفرنسي. وكان اعتماده على الجمهور المثقف، على الخاصة، وكثيراً ما راعتني قلة النظارة في مسرحه، ولكنه الفن الخالص، وبيتويف وأحزابه خدامه وسدنته. حتى أن الرجل كان يؤدي المسرحية الواقعية البينة المعالم في أسلوب يغلب عليه اللطف، رغبة في الإيحاء والإيهام؛ وهل المسرح سوى هذا؟

٢ - وأما الفرقة القومية عندنا فلا تزال تقول: إن جمهورنا يريد كذا أو لا ينشط لكذا. بالله لم أنشئت الفرقة: ألتسلي الناس أم لترفع قدر المسرح وتستدرج النظارة إلى تذوق الفن الدقيق؟ إن في مصر عدداً من المسارح القائمة للتسلية وللترويج عن النفس، والربح من وراء ذلك. وإن كان هذا غرض الفرقة فلتهجر دار الأوبرة ولتقصد إلى شارع عماد الدين

<<  <  ج:
ص:  >  >>