قرأت وأنا على أهبة السفر كلمة في الرسالة لأخي الأستاذ أمين الخولي عنوانها (مشهد ومكة) فلم أجد بين مشاغل السفر فراغاً لإجابته ومناقشته، وعزمت أول الأمر أن أترك كلمته حتى تتهيأ لي المناقشة فيها، ثم بدا لي أن أكتب كلمة كعجالة الراكب، أو لهنة الضيف، يروي بها الأستاذ بعض ظمئه للحقيقة (وإنها لحقيقة أن تبتغي لذاتها).
أترك كلام الأستاذ عن (فرق ما بين العقيدة والفكرة وصلة العقل بمنطقه، والاعتقاد بسلطانه) فهذه فلسفة لم أتهيأ لفهمها، وأعمد إلى الموضوع:
أخذت على الرحالة محمد ثابت في مآخذ أخرى تاريخية ولغوية قوله إن الشيعة يفضلون مشهد على مكة، فقلت:(وأفظع من هذا كله قوله عن إخواننا شيعة إيران أنهم يفضلون مشهداً على مكة، وكيف يعقل أن أمة مسلمة شديدة الغيرة على دينها تعتقد أن الحج إلى مكة فرض، وقاعدة من قواعد الإسلام كيف يعقل أن هذه الأمة ترى زيارة مشهد أفضل من الحج إلى مكة الخ)، ففقه المسألة أن الشيعة يعتقدون أن الحج قاعدة من قواعد الإسلام، ولا يرون زيارة مشهد كذلك، خلافاً لما رواه محمد ثابت.
فهل استطاع الأستاذ أن ينقض هذه الدعوى بما روى من حديث هذا (الكوزة كناني) الذي تسلح به للجدال ولم يستطع إخفاء فرحه به؟
قلت:(ربما بالغ عامة الإيرانيين في تعظيم مشهد وغيرها من المزارات الشريفة كما يبالغ عامة المصريين في تعظيم مسجد سيدنا الحسين والسيدة زينب والسيد البدوي وإبراهيم الدسوقي، ولكن عمل العامة لا تقاس به عقائد الأمة. وهذه كتب الشيعة بين أيدينا تنطق بخلاف ما زعم الكاتب) فطالبني الأستاذ متحدياً بأن أذكر له من كتب الشيعة التي بين أيدينا شيئاً بعينه ليرتاح القارئ.
ثم قال:(وكيف يكون الأمر إذا كانت كتب الشيعة تقرر هذا التفصيل المكاني بقسوة وعنف إلخ) وساق ما نقله من كتاب الكوزة كناني. وظاهر أن دليل الأستاذ الخولي لا يفي بدعواه، فقد ادعى أن كتب الشيعة تقرر هذا التفضيل ثم لم يرجع إلى كتب الشيعة ولم يتحر أقوال