للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[عميد الأدب العربي منذ أربعين سنة]

طه حسين الشاعر

للأستاذ محمد سيد كيلاني

عرف الناس طه حسين كاتباً وقصاصاً وعالماً وباحثاً وإسناداً ومربياً ووزيراً، ولكنهم لم يعرفوه شاعراً، ومن هذا المقال سيعلمون أنه عالج الشعر في صباه ثم انصرف عنه في شبابه. فلو ظل يعالجه لظفر بالأولية فيه كما ظفر في كل شيء.

بدأ معالي الدكتور طه حسين باشا حياته الأدبية شاعراً لا كاتباً. فلهج بالشعر وهو صبي وكان الدافع على ذلك وفاة أخيه في وباء الكوليرا في صيف عام ١٩٠٢ وقد ذكر ذلك في الجزء الأول من كتاب الأيام فقال أنه كان ينفق وقتاً طويلاً في نظم القصائد يرثي بها أخاه ويختم كل قصيدة بالصلاة على النبي واهباً ثواب هذه الصلاة إلى أخيه. ولم يدون لنا هذا الشعر فلا نعرف عنه شيئاً.

ولما جاء القاهرة ظل ينظم القصائد من حين إلى حين. وقد حدث ذات مرة أن الشيخ المرصفي كلف تلاميذه بالكتابة في موضوع من الموضوعات شعراً ونثراً. قال الشيخ أحمد حسن الزيات أستاذ الآداب العربية بكلية الفرير بالقاهرة من خطبة ألقاها في حفل تكريم الدكتور طه نبيل الدكتوراه من الجامعة المصرية القديمة ونشرت بصحيفة الجريرة في ٢٦مايو سنة ١٩١٤ما نصه (. . . فأخذنا نعمل موقنين أن الفتى (يعني الدكتور طه حسين) أن يبزنا في نثر الكلام ونظمه، وأن بزنا في حفظه وفهمه. ولكن ما تقولون وقد فدا على الشيخ بقصيدة حماسية الموضوع جاهلية الأسلوب تمثل ما انطبع في خاطرة من صور الشعر القديم؟

(سمعنا تلك القصيدة فازدرينا أنفسنا وسترنا ما قلنا وشعرنا بالضعف أمام تلك القوة النادرة. فأحلنا منا محل الإنسان من العين والسواد من القلب ومضينا على أثره نخوض بحور الشعر فتارة نطفو وأخرى نرسب وهو في السباحة ماهر وبالطريق خبير. . . الخ)

والظاهر أن هذه القصيدة التي يحدثنا عنها الأستاذ الجليل أحمد حسن الزيات قد ضاعت وذلك لأن الشاعر لم يكن متصلاً بالصحف في الوقت فلم تنتشر.

وأول قصيدة نشرها كانت في رثاء حسن باشا عبد الرازق وقد ظهرت في صحيفة الجريدة

<<  <  ج:
ص:  >  >>