كان أحمد باشا تيمور، أمة في النبل والعلم والأخلاق؛ وركناً من أركان العربية في الشرق؛ وكان نقابة بحّاثة متتبعاً. ما طرق موضوعاً إلا محص وحقق وجلَّى، وما ألف إلا جمع وأطرف واستقصى. ثم مضى، يرحمه الله، وخلَّف ما يدل على سعة اطلاع، وغزارة علم وَفِرَة مطالعة. وما خزانته النادرة إلا دليل فضله وآية فُرارته وعلمه
كان، رحمه الله، إذا ألف أتى بما يعجز الكثيرون من المتتبعين والمحققين والجماعين عن إدراكه وجمعه. ولقد ترك لنا كثيراً من التواليف النوادر الحسان، منها كتاب (التصوير عند العرب) هذا. ولقد عنيت في الأيام الخوالي بهذا الموضوع، فلم أعرف أحداً بلغ فيه، من دقة الاستقصاء، وجودة الانتقاء، وندرة المنتخب، وحسن التبويب والترتيب، ما بلغة العلامة المؤلف. فقد جعله على خمسة عشر باباً؛ فساق ما جمعه عن التصوير على الثياب والستور، والأقداح والأواني، والمصابيح والسلاح، والنقود، والشارات والبنود، والكتب والصحف والألواح. ثم بحث في التماثيل، منذ أيام الجاهلية إلى عصور المتأخرين الثابتة منها والمتحركة، الصامتة والمصوَّته، وتماثيل الصبيان، وتماثيل الزهر، والحلوى؛ وختم الكتاب بفصل نادر ذي شأن عن المصورين العرب
وقد خص الدكتور زكي محمد حسن هذا الكتاب الثمين بعنايته، فرد نصوص الكتاب الثمين بعنايته، فرد نصوص الكتاب إلى أصولها وصفحاتها، وألحق به تعليقات وشروحاً وتفصيلات بلغ في بعضها الذروة من حيث التحقيق والتمحيص وجمال البحث، ككلامه على التصوير عند المسلمين
وقد بدت لي، أثناء مطالعتي هذا الكتاب، ملاحظات من مآخذ وإضافات أردت نشرها تباعاً في هذه المجلة الغراء
١ - ساق المؤلف خبر بساط أم المستعين الذي صُوّرت عليه صورة كل حيوان ص ٢٩؛ فقال الأستاذ زكي محمد في التعليقة ذات الرقم (١٣٦): لم نقف على المرجع الذي أخذ هذا الخبر منه. وقد وجدنا نحن هذا الخبر في كتب شتى؛ كعيون التواريخ (مخطوطة المكتبة