كان محمد عبده رحمه الله أبرز قائد لحركة البحث والإصلاح الديني في مصر والشرق الإسلامي بعد أستاذه جمال الدين الأفغاني. وكان من البدهي أن يتجه هذا المصلح الديني الخالد الذكر إلى إصلاح الأزهر نفسه لأنه نواة الفكرة الإسلامية، ومغذي الروح الديني. ولم تظهر آثار جهاد الشيخ محمد عبده وجهوده في إصلاح الأزهر إلا بعد وفاته، وعلى أيدي تلاميذه الذين تحمسوا لآراء أستاذهم في الإصلاح، وتعهدوا بالعناية والتنفيذ.
كانت الدراسة في الأزهر في عهد محمد عبده تسير على النظام القديم البدائي: حلقات للتعليم، وطلبة يختارون أستاذهم الذي يتتلمذون عليه ويناقشونه في ما صعب من مشكلات العلم والثقافة، وكتب ألفت في العصور الوسطى وغلبت عليها آثار الثقافة العقلية التي كانت سائدة في هذه العصور.
وفي ١٨٧٢م وضع قانون لإصلاح الأزهر، نظم طريق نيل العالمية، وحدود مواد الامتحان فيها. بتعضيد الشيخ محمد عبده وعلى يد صديقه المرحوم الشيخ حسونه النواوي شيخ الأزهر حينذاك صدر قانون عام ١٨٩٦، الذي نظم الدراسة في الأزهر، وأدخل العلوم الحديثة في مناهجه.
أما النظام الإداري للأزهر ومعاهده فقد صدر به قانون عام ١٩١١، بعد وفاة الإمام محمد عبده بسنوات.
وأخذ الأزهر يسير على هذا النمط من الدراسة، دون أن يوجد فيه أثر للدراسات العليا، حتى صدر قانون ١٩٢٣، الذي أوجد نوعا من هذه الدراسات قامت على أسسه أقسام التخصص القديم، التي كانت تمنح درجات علمية تعادل درجة الماجستير في جامعتي فؤاد وفاروق.
ثم أخذ الأزهر يعمل على مسايرة النظم الجامعية التي تسير عليها شتى الجامعات في الشرق والغرب، ففكر المراغي في عهد مشيخته الأولى في إنشاء أقسام للدراسات العليا في الأزهر، والمراغي أنبه تلاميذ محمد عبده؛ وأكثرهم دعابة لآراء أستاذه، وتحقيقا للكثير