للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

إيزرهادن

للكاتب الروسي تولستوي

للأستاذ زكي شنوده

انقض إيزرهادن ملك الأشوريين أنقاض الوحش على دولة الملك ليلليَّ، فعذب فيها الناس، وخرب منها المدن، وأطلق في أطلالها ألسنة النار تأكل ما تبقى من معالمها وأخذ كل من فيها أسرى، وهنالك ذّبحهم وألقى ملكهم في غيابة السجن.

وبينما هو مستلق ذات ليلة في فراشه يفكر في أفظع الوسائل لقتل الملك الأسير إذ سمع حفيفاً خفيفاً يقترب منه فرفع عينيه فرأى أمامه شبح رجل طويل القامة أبيض اللحية في عينيه وداعة وسلام يقترب منه ويهمس في مسمعه هل حقا تريد أن تقتل ليلليَّ؟

فقال الملك: هذا ما أريد فخبرني بربك كيف السبيل؟ فقال الكهل: ولكنه أنت!!

قال - أنا من؟

- ليلليَّ

- ويحك هل جننت؟ إن ليللي هو ليللي وأما أنا فهو أنا!

- وهمت يا صاحبي فأنت وليللي كل لا يتجزأ.

- ولكن لا أفهم: فها أنذا مستلق على فراش وثير، وحولي الجواري والغلمان، وغداً سوف أجلس مع صحابي على سماط نأكل حوله الآكال ونشرب الأشربة ونتسارُّ ونتسامر كما فعلنا اليوم وكما فعلنا بالأمس. بينما ليللي هنالك ملقى في سجنه كطائر في قفص، وغداً يخوزق، ويعلق من لسانه فيظل يتخبط حتى يأخذ روحه الشيطان.

قال الشيخ: ولكنك لن تسلبه الحياة!!

- إذن ما رأيك يا شيخي العزيز في الأربع عشر ألفا من الجنود الذين اقتلعت من حلوقهم الأرواح وصنعت بأجسادهم رابية كجبل الهند. فأين هم الآن؟ لقد قتلتهم وليس ثمة لهم وجود وهاأنذا من أحادثك وتحدثني بترهاتك يا شيخ المخرفين.

- ومن يدريك أن لا وجود لهم؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>