للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- يدريني أنني لا أراهم الآن وقد أكلتهم بالأمس جوارح الطير أمام عيني.

- وفي هذا كذلك أنت واهم فما فعلت إلا أن قتلت نفسك.

- بربك إلا تدعني أفهم هذا الذي تهذي به؟

- أو تريد أن تفهم؟

- نعم.

- إذا تعال. .

وأشار الشيخ إلى طست فيه ماء وقال للملك اجلس فيه، فنهض الملك من سريره، وجلس في الطست. وأمسك الشيخ بقارورة تشف عن سائل، وقال للملك أحن رأسك فأحناه، فسكب عليه من ذلك السائل فانتفض ثم شعر بأنه إنسان آخر:

ورأى نفسه فجأة متكئا على سرير وثير إلى جانب امرأة كاللؤلؤة ما رآها من قبل بل عرف ساعتئذ أنها زوجته. ونهضت المرأة قائلة له أي ليللي زوجي العزيز، لقد رأيت أعمالك بالأمس متعددة متعقدة، أنهكت قواك فرحت مع النوم أكثر من كل يّوم، فضع على منكبك الرداء وهب يا مولاي إلى البهو الأعظم حيث الأمراء والحكماء ينتظرون.

فقام إيزرهادن وقد وقر في نفسه أنه ليللي، وعجب كيف لم يعرف نفسه من قبل؟! ثم تزيا وتمنطق وتهادى في جلاله الملك إلى البهو الأعظم حيث يسوس مع أعوانه شؤون الناس.

حيّا الأمراء ملكهم ليللي وقد عنت منهم الوجوه، ثم جلسوا بأمره واستهل كبير الوزراء الكلام فقال إنه من المستحيل أن تتغاضى المملكة عن تلك الإهانات الوقحة التي ما يفتأ يوجهها الملك المفتون الأحمق إيزرهادن ملك الأشوريين وإن لم يكن ثمة بد من القتال فأنها الحرب

ولكن ليللي انتفض ورفض، وقال إن الأمور تصرف بالسلام لا بالصدام. وأصدر أوامره بأن يبعث من لدنه رسلا يفاوضون الملك الأهوج إيزرهادن وزود الرسل بما يقولون ويفعلون، ثم بعث بهم على بركة الله.

وبعد أن نظر الملك ما عليه - في شؤون الملك من عمل خرج يقتنص من لفائف الغاب طرائد الوحوش، فتلك هي صبابته ولذة نفسه منذ كان في أكناف أبيه يافعا، وما كان أسعده في هذا اليوم إذ صرع بسهمه المراش عجلين من أفحل عجول الإحراج. نظر كذلك إلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>