للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه اللبؤة العرفاء التي جاءت نحوه تتهادى في دلال الإناث وإقبال الأسد، وعاد الملك بالقنائص طروبا، وقضى الليل مع ندمائه في قصف ورقص.

وهكذا عاش الملك مقسما بين ضرورات الحكم ومسرات القلب أياما وأسابيع في انتظار عودة الرسل الذين بعث بهم إلى الملك إيزرهادن، وعاد الرسل بعد شهر ولم تعد معهم أنوفهم ولا آذانهم، إذ أن الملك إيزرهادن قد أخذ رهينة على أن يقولوا لمليكهم ليللي إن ما حل بهم سيحدث له كذلك إن هو لم يحمل على ظهور المطايا أو ساقا من الفضة والذهب والأخشاب الثمينة ويقدمها للملك ايزرهادن ومن خلفها يذهب الملك ليللي بنفسه ويقدم للملك العظيم فروض الولاء

وجمع ليللي أمراءه فتشاوروا ودبروا وقدروا، وقرروا أن الملك قد أهين، وبالإجماع أعلنوها حربا على ملك الأشوريين، وعلى رأس جيش يتقد حمية وحماسة كان الملك ليللي يزحف إلى عدوه وقضى سبعة أيام يكابد هو وجيشه مشقة السفر ووعثاء الطريق.

وفي اليوم الثامن تقابل الجيشان في بطن واد مكشوف. ويا أكثر ما روع الملك الباسل ليللي إذ رأى جيش غريمه ينهمر كالسيل من أعلى الجبل ويكتسح الوادي بآلاف مؤلفة فدافع ليللي ببضع مئاته دفاع الأبطال.

ولكنه سرعان ما جرح وحمل أسيراً وذهب جيشه من قتيل وأسير وسيق به وبهم إلى نينوى حيث ألقى الملك في كهف مسوج بالقضبان.

ولم يعان الملك ليللي في هذا الأسر من آلام الجوع وإيلام الجروح كما عانى من إلام الروح: فها هو ذا ملطخا بالخزي والعار لا حول له ولا قوة، يكابد عذابه وأوصا به شجاعا صابراً لا شاكيا ولا متذمراً.

اثنتا عشر يوما ينتظر الملك الموت وهو يرى في كل لحظة خلصاءه وندماءه يساقون إلى الذبح كالخراف ولكنه تجمَّل وتحمل وكتم: رأي زوجته التي يحبها كل الحب مغلولة اليدين يسوقها عبدان إلى حيث تلقى مع جواري إيزرهادن فسكن وسكت.

وأخيراً صرصرت السلاسل وفتح باب السجن، ودخل جنديان، فأنهضا الملك وكبلاه بالحديد وساقاه إلى ساحة الإعدام، وخلعوا أثواب الملك وزجروه وزجوه إلى حيث الموت، وحينئذ صاح الملك: إنه الأجل. لا أستطيع. وفقد الملك شجاعته وبكى، ووقع الملك على

<<  <  ج:
ص:  >  >>